الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }

{ كُتِبَ عليْه } أى على الشيطان { أنه } اى الشأن أولى من عوده إلى الشيطان { مَنَّ } شرطية، والمقام للعموم كمنا هو شأن الشرطية لا موصولة، لأن أصلها العهد، وللاحتياج الى زيادة الفاء { تولاَّه } المستتر لمن، ولاهاء للشيطان أى اتبع الشيطان، واتخذه ولياً أو بالعكس، أى صار الشيطان والياً عليه غالبا له { فأنه } أى الشيطان { يُضلهُ } عن الحق الذى هو طريق الجنة { ويَهْديه } يوصله { إلى عذابِ السَّعير } الىعذاب النار المسعورة، أى الموقدة، وجملة من تولاه الخ خبر أن، والمصدر نائب فاعل كُتب أى كتب عليه إضلال متوليه، أو متولاه وهداه إلى عذاب السعير، وجلمة كتب ونائبه نعت شيطان، ومعنى كتب قضى وقدر، أو كتب عليه بالحروف أنه من تولاه الخ أى رسم عليه الإضلال والإيصال الى النار كتابة لا يتخلف عما فيها، وأصل الهداية أن تكون الى خير فاستعمالها فى السوء استعارة تهكمية تمثيلية { يا أيُّها الناس } الكفار بإنكار تحققق البعث { إن كنُتْم فى ريْبٍ } شك { من البَعْث } من إمكان البعث، عبر بالريب مع جزمهم بالإنكار تلويحاً الى أن إنكار لوضوح دلاله، كأنه لم يكن، وليس فى شىء من الاحتمال، كما أن التصدير بأن، وتنكير ريب تلويح أن حقه أن يضعف، ويشك فيه عندكم لا أن ينكر، أو عبر بالريب مع جزمهم بالانكار تنبيها على أن جزمهم بالإنكار بمنزلة الشك الضعيف لقوة الدلائل، ومن بمعنى فى متعلق بريب، وعدل إيها لئلا تتكرر فى أو بمعنى لابتداء تتعلق بمحذوف نعت لريب، واستظهر أن المراد فى ريب من إمكان البعث، كما يدل له إثبات الإمكان فى قوله.

{ فإنَّا خلقناكم من تُرابٍ } الخ واجيز أن يكون المراد فى ريب من وقوع البعث، واعترض بمخالفته لما اتصل به من إثبات الإمكان، وتكرره مع قوله:وأنَّ الله يبعث مَنْ فى القبور } [الحج: 7] ويجاب بأنه لا تكرر، لأن هذا شك منهم فى الوقوع، وأن الله يبعث من فى القبور، جزم من الله بالوقوع رداً عليهم، وأيضا لو تكرر لم يضر، لأن المراد التأكيد، والفصل، ولأن المعنى كيف تشكون فى وقوع البعث، مع أنه قد وقع خلقه لكم من تراب، والجملة تعليل نائب عن جواب الشرط، أى أخطأتم فى شككم، لأنا خلقناكم من تراب أن أصلهم الذى تكونوا منه من تراب وهو آدم، أو الأغذية التى تكونوا منها من تراب.

{ ثمَّ من نُطْفةٍ } منى من النطف، وهو التقاطر، أو من قولهم للماء القليل الصافى نطفة، والمراد ما يشمل ماء الرجل وماء المرأة، ولو كان ماء الرجل أكثر، والمراد نطفة كل أحد، وزعم بعض أن المراد نطفة آدم { ثُم من عَلَقةٍ } قطعة جامدة من الدم، متكونه من النطفة { ثُم من مُضْغةٍ } قطعة من اللحم صغيرة قدر ما يمضغ تكونت من العلقة { مُخَلَّقةٍ } تعظم بعد فيكون إنسانها عظيم الجسم { وغير مُخَلَّقةٍ } يكون إنسانها صغير الجسم، أو التخليق إظهار أعضاء بعد أن كانت غير مظهرة كسائر الترتيب قبل أن تكون أولا غير متبينة الأعضاء، ثم تكون متبينة، وعلى هذا الأصل تقديم غير مخلقة على مخلقة، ولكن أخرت لكونها عدم وجود، والوجود أولى بالتقديم، والكلام فى إيجاد مالم يكن، والإيجاد فى مخلقة، وعبر بالتخليق لا بالخلق لكثر الأعضاء المختص كل واحد منها بخلق وصورة.

السابقالتالي
2 3