الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ والبُدْنَ } جمع بدنة بقرة أو بعير ذكر أو أنثى، تنحر بمكة هديا كالضحية من الغنم، وسميت لأنها تسمن، ثم تهدى فهى عظيمة البدن، روى مسلم عن جابر: كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل، والبقرة فقال: هى من البدن وعن مجاهد والحسن ليست منها، روى أبو داود عن جابر عنه صلى الله عليه وسلم: " البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة " ويجمع بأن الأصل والأكثر استعمالها فى الإبل، وقل فى البقر أو هى منها حكما فى الأجر لا لغة { جعلناها لكم من شعائر الله } علامات دينه { لكم فيها خير } دنيوى ودينى عند ابن عباس، وعن السدى دينى { فاذْكُروا اسْم الله عَليْها } عند النحر باسم الله، والله أكبر، اللهم منك ولك، وقال أبو حيان: الله أكبر لا اله الا الله، والله أكبر اللهم منك وإليك. { صوافّ } كل واحدة قائمة صفت ثلاثة أرجل، وتعقل اليد اليسرى عند الجمهور كما يفعله النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن أبى شيبة، وأبو داود عن ابن ساقط الصحابى، وعن ابن عمر اليمنى، وعن عطاء أيهما شئت، وهو حال من مجرور على { فإذا وََجبَت جُنُوبها } سقطت علىالأرض كناية عن الموت، أو وجبت ثبتت بلا تحرك جنب منها، وذلك موتها، ولم تجر عادة بذبح البقر قائمة، بل مضطجعة، وقلما نحر البعير مضطجعا عند الأوائل فترجح أن البُدن الإبل.

{ فكُلُوا منْها } ثلثا ومنه الادخار للأكل { وأطْعمُوا القانع } ثلثا والمراد الجنس فشمل القانعين وما فوقهما، وهو الراضى بما يعطى، ولا يسأل أو بما عنده، والفعل قنع يقنع كفرحت أفرح أو هو الساتر لفقره بعدم السؤال كالقناع الساتر للرأس { والمُعْترّ } ثلثا والمراد الجنس، وهو التعرض للسؤال، وهو يسأل: وقيل القانع السائل، والفعل كسألت الله أسأله كقوله:
وما خنت ذا عهد وأبت بعهده   ولم أحرم المضطر إذ جاء قانعا
والمعتر المتعرض بلا سؤال، وعن سعيد بن جبير، القانع أهل مكة، والمعتر غيرهم، وعن مجاهد الجار، ولو غنيا، وقيل الصديق الزائر، والصحيح الأول والقسمة بالثلث لابن مسعود، وقيل عن محمد بن جعفر من ذرية فاطمة للقانع، المعتر ثلث والأهلى ثلث، واللبائس الفقير ثلث، ويروى ادخر ثلثا، وكل ثلثا وتصدق ثلثا، وعن سعيد بن المسيب للبائس الفقير، والقانع والمعتر ثلاثة أرباع، ولك الربع قيل وهو مضطرب، ولا يأكل مما هو كفارة.

{ كذلك } التسخير لها الذى شاهدتم حتى قويتم على عقلها ونحرها مع قوتها { سخرناها لكم } أثبتناها بعد، ويبعد أن المعنى سخرناها لكم كما أمرناكم بذلك، وإنَّما قلت ما ذكر، لأنه لا يشبه الشىء بنفسه، أو أولى من ذلك أن يقال: سخرناها لكم على الكيفية التى شاهدتم { لعلَّكُم تشْكُرون } إنعامنا بالتقرب مخلصين، ونفعها لكم، ولا حاجة لله بها كما قال:

{ لن ينال الله لحومها ولا دماؤها } فينتفع بها، أو لن تصيب رضا الله، بها تصيبونه بالتقوى كما قال: { ولكن يناله التَّقوى منْكُم } بجعلها من حلال، وإخلاصها وقيل أرادوا بسط اللحم حول الكعبة، ونضحها بالدم تعظيما لها كالجاهلية، فنزلت الآية { كذلك سخَّرها لَكُم } كرره تذكيرا للنعمة، كقوله: أنعمت عليكم أنعمت عليكم فانتبهوا، وتعليلا بقوله عز وجلّ: { لتكبِّروا الله } لتعتقدوا كبرياءه لقدرته على ما لا يقدر الخلق عليه، فتوحدوه بصفاته وأفعاله، أو لتقولوا الله أكبر عند الإحلالُ أو التذكية { عَلى ما هداكم } ما مصدرية، والتقدير على هدايته إياكم متعلق بتكبروا لتضمنه معنى تشكروا أو تحمدوا، أو التقدير لتكبروا الله شاكرين، أو حامدين على هدايته إياكم أو على للتعليل.

السابقالتالي
2