الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ }

{ مَنْ كان يظن أنْ لَن ينْصُره الله } أى ينصر محمداً صلى الله عليه وسلم عاد اليه الضمير، ولو لم يذكر لأن الكلام فيه وله ومعه، فهو كالجبل الشامخ الذى لا يشتبه، أو الهاء لمن أى من كان يظن أن لا ينصره الله، فيغتاظ لعدم نصره، فليخنق نفسه، والجمهور على أنها للنبى صلى الله عليه وسلم، وبه قال ابن عباس والكلَبى، ومقاتل والضحاك، وقتادة وأبن زيد، السدى والزجاج، ويرجحه أن مشركى العرب لا يقرون بالآخرة، وهى مذكروة بقوله: { فى الدنيا والآخِرة } فكيف يطمعون أن ينصروا فيها، وفى الدنيا، اللهم إلا أن يطعموا على فرض أن تكون، أو يراد من أقربها منهم كأمية، أو يقال المراد اليهود، والصحيح أنها له صلى الله عليه وسلم فمن أقر بها أو فرضها، وظن أنه صلى الله عليه وسلم، لا ينصر فى الدنيا ولا فى الآخرة أو لا ينصر فى الدنيا، أو لا ينصر فى الآخرة { فليمدد بسبَب إلى السَّماءِ ثمَّ ليقْطَع فليْنظر هَل يُذهبنَّ كيدهُ ما يغيظُ } ينصر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم ودينه واتباعه، ويثيبهم ويعاقب أعداءه دنيا وأخرى، ومن غلظ ذلك فليستفرغ جهده فى الكيد، فلن يصرفه عن ذلك لموعود لهم، فلا يبقى له إلا يقتل نفسه، فيرجع كيده عليه، والباء صلة فالمعنى فليمدد سبباً أى حبلاً، أو للإلصاق على معنى فليتمسك، والسماء سقف البيت، يعلق الحبل به، ويجعل عنقه فى ربقة منه، بحيث يختنق لعدم وصول رجله الى الأرض، ويقطع نفسه بفتح النون، والفاء أو أجله، فحذف المفعول، ولا يقدر فلقطع الحبل إذ لا فائدة فى قطعه، والنظر التدبر على سبيل الفرض فقط، لأن الميت لا تدبر له أو المأمور بالنظر غيره من الأحياء، فيكون ذلك تهكماً به، كما أن لفظ الكيد تهكم، أو ذلك تشبيه بالكيد، لأن هذا غاية ما يقدر.

والكائد يأتى بغاية ما يقدر عليه، وذلك خلاف الظاهر، لأنهما أمران مقرونان، لا دليل على صرف أحدهما لغير ما صرف اليه الآخر، أو لينظر ذلك الماد للحبل قيل فعل ذلك، هل يقيده ذلك شيئاً لو فعله، أو السماء إحدى السموات، وهى الأولى يطلع إليها بحبل ليقطع الوحى أو النصر أو المسافة، وقيل الآية فى مسلمين استبطئوا النضر، فليختنقوا غيظاً، أو يطلعوا فيأتوا بالنصر، وقيل قوم من أسلم وغطفان أحبوا الإسلام، وخافوا من حلفائهم اليهود، واستبطئوا، وفى القولين أن الاستبطاء ليس نفياً للنصر بطريق الظن، نعم قريب منه، وما مصدرية أو اسم، أى ما يغيظه.