الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }

{ إنَّكُم وما تعْبدونَ من دُونِ الله حَصَبُ جهنَّم } ما لغير العاقل أصلاة ووضعاً، ولا تستعمل فى غيره أو فى العموم، إلا لدليل، فلا تدخل الملائكة إذ عبدتها بنو المليح بالصغير بطن من خزاعة، ولا عيسى إذ عبده النصارى، ولا عزير إذ عبده اليهود، والنبى صلى الله عليه وسلم ذكر الآية لابن الزبعرى حين احتج بهؤلاء على معنى أنها لم تشملهم، ثم إنه شهر حتى لا يخفى عن نحو ابن الزبعرى أن الملائكة وعيسى، ويلتحق بهم عزير يكرهون أن يعبدوا، فكيف يعذبون بما فعل غيرهم بلا رضاً منهم.

دخل صلى الله عليه وسلم المسجد، وصناديد قريش فى الحطيم، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً، فعرض له النضر بن الحارث فأفحمه صلى الله عليه وسلم وتلا: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " الآيات الثلاث، فأخبر الوليد بن المغيرة عبد الله بن الزبعرى بذلك، فقال ابن الزبعرى: ولو وجدت محمداً لخصمته، فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أنت قلت: { إنكم وما تعبدون } الخ؟ قال: " نعم " قال: عبدت النصارى المسيح، واليهود عزيراً، وبنو مليح الملائكة، فقال صلى الله عليه وسلم: " عبدوا الشيطان " فأنزل الله عز وجل:إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } [الأنبياء: 101] أى عزيراً والملائكة وعيسىأولئك عنها مبعدون } [الأنبياء: 101] ونزل فى ابن الزبعرى:ما ضربوه لك إلاَّ جدلاً بل هم قوم خَصِمون } [الزخرف: 58].

وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال له: " ما أجهلك بلغة قومك إن الله تعالى قال: { وما تعبدون } ولم يقل: ومن تعبدون " يعنى أن أن ما للأصنام لأنها لغير العقلاء، ولو أراد الملائكة وعزيراً وعيسى لقال: ومن تعبدون، وقوله صلى الله عليه وسلم: ما أجهلك بلغة قومك صحيح المعنى غير ثابت الرواية، وسمى الله الأصنام وعبادها حصباً، لأنهم يرمون لجهنم كما يرمى الحطب للنار، وأصله الحجارة الصغار، يرمى بها إنسان أو غيره كما قرأ جماعة: حطب جهنم بالطاء، وعن ابن عباس الحصب الحطب بالزنجية، وإنما يذكر فى القرآن من العجمة ما ذكره العرب منها أو ما ذكره الله عن أهلها.

{ أنتُم لَها واردونَ } مستأنف مؤكد لما قبله، واللام بمعنى على أو للاختصاص، أو لام تقوية على أن الورود متعد كقوله: ورودها ضعف وارد عن العمل، لكونه وصفاً لا فعلا، ولتقدم المعمول، فقوى بها والورود ها الدخل والخطاب للكفرة، أولهم ولما يعبدون تغليباً للعاقل، وفى ورودها معهم زيادة غم، إذ علموا أنها معهم، ولا شأن لها كيف عبدناها حالها هذا، وقد أضعنا عبادتها إذ لم تشفع لنا وعذبنا بها.