الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ وأدْخلناهُم فى رحْمتِنا } وعلل هذا تعليلا جمليا بقوله: { إنهم من الصالحين } الكاملين فى الصلاح لعصمتهم من الذنوب.

{ وذا النُّون } صاحب الحوت يونس بن متى، ومتى أبوه كما قال البخارى وغيره،وصححه ابن حجر، وكذا قالت اليهود، إلا أنهم يسمونه يونه بن اميتاى، وبعض يونان بن أماتى، وكان فى زمان ملوك الطوائف من الفرس، ومعنى ملوك الطوائف تعدد الملوك، كل على طائفة، ولم يجمعهم ملك واحد وقيل متى اسم أمه فلم ينسب نبى إلى أمة إلا يونس وعيسى عليهما السلام، ويروى أن جبريل قال ليونس: أنذر أهل نيونى، فقال التمس دابة، فقال: الأمر أعجل من ذلك، فغضب وانطلق الى السفينة، ولعل هذا قبل النبوة، ولم يعلم انه جبريل.

وعن وهب: أنه كان يونس عبداً صالحا فى خلق ضيق فلما تحمل أثقال النبوة تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل الثقيل، فقذفها من يده وهرب منها، فأخرجه الله من اولى العزم من الرسل، وقال:اصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } [الأحقاف: 35] وقال:ولا تكن كصاحب الحوت } [القلم: 48] وعن ابن عباس: كانت رسالته بعد الخروج من بطن الحوت لقوله تعالى عقب ذكر خروجه من بطن الحوت:وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } [الصافات: 147] وأجاز بعضهم الصغيرة قبل النبوة، وقد قال الله عز وجل:وإن يونس لمن المرسلين * إذا أبق إلى الفلك } [الصافات: 139 - 140] فهو من المرسلين قبل الإباقة لا بعدها.

{ إذْ ذَهب } عن قومه { مغاضبا } غضب عليهم غضبا شديداً لطول مكثه فيهم بالأمر والنهى، فالمفاعلة هنا للمبالغة شبه غضبه وحده بالغضب الذى هو مقابل لغضبهم عليه لجامع الشدة، ولا يقال هو على بابه من المفاعلة بين متعدد، لأنهم أيضاً غضبا عليه، إذ خافوا العذاب لذهابه بلا ايمان منهم، لأنا نقول ليس الخوف غضباً اللهم إلا على طريق الشبه، ولا يقال هذا مفاعلة بلا مقابل، ولا مبالغة، مثل سافرت، لأنا نقول تحقق وجود سافرت فى ذلك، ولم يتحقق وجود المغاضبة كذلك فى كلام آخر.

ويقال سبى ملك من فلسطين تسعة أسباط، ونصفاً من قوم يونس، وهو ساكن فيها فأوحى الله الى شعياء أن يأمر حزقيل الملك أن يوجه خمسة من الأنبياء لقتاله، فأمر يونس فقال: هل أمرك الله بإخراجى أو سمانى؟ قال: لا، قال: هنا أنبياء غيرى فالحوا عليه فخرج بلا إذن من الله عز وجل مغضباً له، وركب سفينة فى بحر الروم، وأشرفت على الغرق فى اللجة، فقال الملاحون، هنا عاص أو آبق، ومن العادة أن نقترع فنلقى من وقعت عليه، فغرق واحد أهو من غرق السفينة ومن فيها، وخرجت على يونس ثلاثاً فقال: أنا العاصى الآبق، فكلما أتى جانباً من السفينة وحد حوتاً فاغراً فاه، فالقى نفسه، فأوحى الله اليه أن لا تخدشيه فإنك سجنه، وهذا على ظاهره، أو بمعنى قضى الله عز وجل أن لا تخدشه.

السابقالتالي
2 3