الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ }

{ ولسُلَيمان الريح } مطلقا وقيل الصبا، عطف الريح على الجبال؟ ولسليمان على مع ولم يقل، ومع سليمان لتفاوت التسخيرين فإن ماله بالانقياد لأمره ونهيه، وما لداود بطريق التبعية له، وهو دون ما لسليمان { عاصفةً } حال من الريح، والعامل فيها حصتها فى سخرنا المذكور، وكذا العامل فى لسليمان والريح، وبعض يقدر وسخرنا لسليمان الريح عاصفة، والعصوف شدة الهبوب، ولا ينافى وصفها بالرخاء فى الآية الأخرى، لأنها فى نفسها لينة، العصوف لشدتها لقطع المسافة البعيدة فى زمان قريب، أو تلين إذا شاء وتعصف إذا شاء، أو تعصف فى الذهاب، وتلين فى الرجوع، لحصول قضاء الوطر، أو بالعكس للحنين الى الوطن.

{ تَجْرى بأمْره إلى الأرض الَّتى باركنا فيها } هى الشام، والظاهر من الآية أن البركة قبلة، وهو كذلك، وما قل من أن الأرض أعم من الشام، وانه وصفها بالبركة، لأنه إذا حل أرض قتل كفارها، وأثبت فيها الإسلام، ولا بركة أعظم من هذا، ينافى ذلك فلا يصح إلا إن أراد زيادة بركة، ويقال تجرى بأمره الى الشام روحا بعد ما سارت منها بكرة، ولشيوع أنها مسكنه لم يذكر جريانها منها، بل جريانها إليها، وقيل: مسكنه اصطخر، فتجرى به الى الشام، منها يقعد على منبر من ذهب، وحوله الأنبياء على كراسى من ذهب، والعلماء على كرسى من فضة، وحولهم سائر الناس، وحول الناس الجن فى بساط من ذهب وحرير، فرسخ فى فرسخ من عمل الجن، تحمله الصبا مسيرة شهر من الصباح الى الرواح، ومنه الى الصباح أو مركبا من خشب فيه ألف ركن، فى كل ألف بيت، فيها الجن والإنس، تحت كل ركن ألف شيطان، يرفونه إلى الجو فتسير به الريح، ولعل فى هذه الخُشُب ذلك البساط، والطير تظلهم أعطاها لله ذلك عوضا عن عقره الخيل، إذا فاتته بها صلاة العصر.

وقيل: تحمله العاصفة من الأرض الى الجو، وتسير به الرخاء قال: وهب وجد فى منزل بناحية دجلة مقترب بيد بعض أصحاب سليمان من الإنس أو الجن، نحن نزلناه وما بنيناه ومبنياً وجدناه، غدونا من اصطخر فقلناه، فنحن رائحون منه إن شاء الله تعالى فنازلون بالشام، وعن الحسن يغدو من إيليا فيقيل باصطخر، ثم يروح منها فيكون راوحه ببابل، ويروى أنه سار من العراق فقال ببلخ متخللا بلاد الترك، وجاوزهم الى أرض الصين يغدو على شهر، ويروح على شهر، ثم عطف عن مطلع الشمس على ساحل البحر، حتى أتى أرض السند، وجاوزها الى مكرمان وكرمان، ثم أتى أرض فارس ونزلها أياما وغدا منها، وقال بكسكر، ثم راح الى الشام ومقره بتدمر.

{ وكنَّا بكل شىء عالمين } فما أعطيناه ذلك إلا لحكمة علمناها، ومنها تعويضنا عن الخيل.