الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ }

{ وجعلناهم أئمةً } يقتدى بهم فى الدين { يهْدُون } الناس الى الحق { بأمْرنا } لهم أن يهدوا الناس { وأوْحيَنا إليْهِم فِعْل الخَيْراتِ وإقام الصَّلاة وإيتاء الزكاة } ذكرنا لهم بالوحى فعل الخير، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة على طريق أمرهم وأمر غيرهم بهن، كما تقول ذكر الأمير الغزو الى بلد كذا اليوم، فيعلم السامع أنه أمر بإيقاعه، ففعل مفعول به مصدر مضاف لمفعوله، ولا حاجة الى جعل فعل مصدراً بمعنى الأمر، أى فعلوا فعل الخيرات فعلا، فحذف العامل وأضيف المصدر لمفعول ذلك العامل، فصار فعل الخيرات، كضرب الرقاب، والخطاب فيه للانبياء الذين ذكروا،وأن المعنى أوحينا اليهم قولنا: فعلوا الخيرات فعلا، ولا حاجة أيضاً الى أن الأصل أوحينا إليهم أن تفعل الخيرات بالبناء للمفعول، ثم فعلا الخيرات برفع الخيرات نائباً لفعلا بالتنوين على أنه مصدر للمفعول، ثم أضيف فكان فعل الخيرات لتكلف جعل المصدر بمعنى المبنى للمفعول، ورفع الظاهر به مع الحذف للعامل، ثم حذفه تنويه وإضافته، والصحيح منع المصدر من المبنى للمفعول، والداعى لذلك أن المعنى المصدرى ليس موحى.

وفيما ذكرت إغناء عن ذلك، وفيه عموم الموحى إليهم الأنبياء وغيرهم، وإن خصوا فغيرهم تبع لهم، ذكر إقام الصلاة وإيتاء الزكاة تخصيص بعد تعميم بفعل الخيرات، وحذف التاء من مصدر افعل المعل العين المعوضة عن المحذوف، مقيس مطلقا عند سيبويه، واشترط له القراء الإضافة كما هنا، واختير الحذف هنا لموافقة إيتاء، وهى عوض عن العين، أو عن ألف أفعال كما قررته فى النحو والتصريف، وفى الآية أن الأمم يصلون ويزكون، وليستا كهيئة صلاتنا وزكاتنا ولا كعددها { وكانُوا لنا عابدين } وافين بعهد العبودية لنا.