الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ }

كونى باردة، وذات سلام، أو ذات برد وسلام، أو نفس البرد والسلامة، ولو لم يقل وسلاماً لمات بالبرد، وهو مراعاة للفظ، وأن هناك لافظاً هو ملك، أو ما شاء الله من الخلق، ويقال هو جبريل، وأنه تعالى خلق العقل فى النار وخوطبت، والذي لى أن معنى الآية أنه تعالى أزال الحرارة التى خلقها فيها، وجعلها باردة كالريح، وأزال مضرتها، أو أبقاها حارة بلا تأثير، كما لا تحرق السمندل، وكان يعمل من وبره مناديل إذا اتسخت، وجعلت فى النار فتزيل وسخها، ولا لفظ هناك من ملك ولا غيره.

وروى أن الملائكة أخذوا بضبعى ابراهيم فأقعدوه فى الأرض، فاذا عين ماء عذب وورد أحمر، وكل حطب أثمر ثماره، ومكث فيها أربعين يوماً أو خمسين يوماً، وقال أعظم أيامى طيبا أيام كنت فى النار، وبعث الله ملك الظل فى صورة ابراهيم يؤنسه فى النار، وبعث الله عز وجل اليه جبريل بقميص حرير من الجنة، وطمنة وقعد معه يحدثه، وقال: يقول لك ربك: أما علمت أن النار لا تضر أحبابى، ناداه نمرود من أعلى صرحه: إن ربك عظيم القدرة، إذ فعل بك ذلك فهل تطيق؟ قال: نعم، قال: فاخرج، فمشى فيها حتى خرج، فقال من الذى معك بجانبك على صورتك؟ قال: ملك الظل من الله ربى يؤنسى، قال: فانى أذبح لربك أربعة آلاف بقرة لقدرته؟ قال: لا يقبل منك إلا إن رجعت الى دينى، قال أرى ملكى ولا بد من ذبحها، وهو عليه السلام ابن أربع عشرة سنة، وسالموه بعد ذلك.

ويقال: نار تحرق كل ما لاقاها، وهى نار الدنيا، إلا السمندل، ونارٌ لا تحرق شيئا وهى نار الحجر والشجر، ما دات فيهما، ونار تحرق بعضاً دون بعض، وهى نار ابراهيم أحرقت كتافه، والحطب دونه ودون لباسه، ونار الآخرة تحرق أهلها والحجارة دون الملائكة، ونار مضيئة، وهى سائر النيران، ونار مظلمة، وهى نار الآخرة، ونار تأكل وتشرب وهى نار الدنيا، تأكل الحطب والفتيل وتشرب الزيت ونحوه، ونحوه، ونار لا تأكل ولا تشرب وهى نار الحجر ما دامت فيه، ونار تشرب ولا تأكل، وهى نار الشجرة ما دامت فيه، ونار تأكل ولا تشرب وهى نار الآخرة.