الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ }

{ ونَضعُ الموازين القِسطْ } تمثيل لانتفاء أن ينقص شىء من الأعمال أو من الجزاء، ولا ميزان حقيق كما قال الضحاك وقتادة، ومجاهد ولأعمش، وهو الحق، ولا داعى الى العدول عنه مع ظهوره الى جعلها حقيقة وهو غير ظاهر لاحتياجه الى دعوى تجسم الأعراض، أو الى وزن البطاقة، وليست من الأعمال، والى دليل من حديث، ولا يوجد إلا ما وضع أو اتهم بالوضع، فما الميزان إلا كيد الله وقبضته، ونحو ذلك من المأول والجمع باعتبار الحسنات والسيئات.

ومن قال: كموازين الدنيا، فمن قائل: لكل أمة ميزان، وقائل: لكل مؤمن موازين بعدد حسناته، وشهر أنه واحد لكل المكلفين من الثقلين، كفتاه كإطباق السماوات، والجمع للتعظيم، أو لتعدد الموزون كما يقال: شموس وأقمار، لتعدد طلوعهما، يأخذ جبريل بعموده ناظر الى لسانه، وميكائيل أمين عليه، وأن الحسنات أجسام نورانية، والسيئات أجسام مظلمة، وهل هو موجود، الظاهر أنه سيوجد كالصراط على دعواهم.

وروى أن داود عليه السلام سأل الله عز وجل أن يريه الميزان، فأراه فغشى عليه، وقال بعد إفاقته: من يقدر على ملئه فقال تعالى: يا داود أرضى أن يملئه عبدى بتمرة، ولا ندرى أصح الحديث أم لم يصح، وعلى صحته فهو تمثيل لما سيكون، والقسط نعت به مبالغة، أو يقدر وذات القسط، أو مفعول من أجله، أى لأجل القسط، أى العدل، والجملة عطف قصة على أخرى، أو حال على تقدير قد، أو نحن من الضمير فى ليقولن، والربط بواو الحال.

{ ليَوْم القيامة } فى يوم القيامة متعلق بنضع أو بالقسط، وقيل: تعليل أى لحساب يوم القيامة، أو لأهل يوم القيامة، وقيل: اللام للاختصاص، ولا وزن للمشرك، ومن يدخل الجنة بلا حساب { فلا تُظلمُ نفسٌ شَيئاً } مفعول مطلق، أى لا تظلم ظلماً ما، بزيادة سئة أو نقص حسنة أو نقص ثواب، أو زيادة عذاب، عما قضى الله، أو مفعول به، أى لا تنفع ثوابا أو حسنة أو مفعول مطلق، أى لا تنقص نقصا ما فحذف المفعول به ومثله فى السيئة.

{ وإنْ كان } العمل المدلول عليه، بوضع الموازين، أو الشىء المذكور أنه لا يزاد ولا ينقص { مِثْقال حبَّةٍ من خَرْدل } أى ما يوازنها فى ثقلها { أتينا بها } أى بالمثقال: وأنت لإضافته لمؤنث، وذلك المثقال هو العمل، ومعنى الإتيان به الجزاء عليه بعد إحضاره أنه كذا، ثم تذكرت أن قراءتنا رفع مثقال فاعلا لكان بلا خبر لها، أى إن حصل مثقال حبة أحضرناه، ويضعف أن يجعل أن وصلية، وأتينا بها مستأنف.

{ وكَفَى بنَا حاسبِينَ } نا فاعل، وحاسبين حال بمعنى داعين، أو بمعنى مجازين على لأعمال، وفى الترمذى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2