الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ }

{ ولهُ } لا لغيره { مَنْ } للعقلاء وغيرهم تغليباً لهم { فى السَّماوات والأرض } تقرير لقوله:وما خلقنا السَّماء والأرض وما بينهما لاعبين } [الأنبياء: 16] إلا أنه جمع السماء هنا إظهارً لمزيد العظمة، أى له كل ما فى كل واحدة، وهنالك أراد مجرد هذا السقف الذى يشاهونه. والفراش الممهد وما بينهما على حكم لا تحصى، أو تقرير لما قبله كله،أى له خاصة ما فيهن خلقاً وملكاً، وتدبيراً وتصرفاً، وإحياء وإماتة، وإثابة وعقاباً، ويضعف عوده الى لكم الويل بمعنى لكم ما ليس لله من الشرور، والله ما ليس لكم من الخيور، أو الى تصفون على أن الواو للحال تصفون بالولد، مع أن ما فى السماوات والأرض ملك له.

{ ومن عنده } العندية عندية الشرف، والتنزيل منزلة المقربين عند الملوك، فعند استعارة لقرب المكانة مفردة لا تمثيلية، لأن التمثيلية لا تقع فى المفرد، ومن مبتدأ خبره قوله:

{ لا يسْتَكبِرونَ عَنْ عبادَتِه } ويجوز عطف من على من وجملة لا يستكبرون حال من المستتر فى عند، أو فى له فيكون عطف خاص على عام لمزيته، وهو الملائكة المعبر عنهم بمن الثانية كقوله تعالى:تنزل الملائكة والروح } [القدر: 4] أو نوع من الملائكة أو من فى السماوات والأرض الملائكة، ومن عنده نوع منهم كالحافين حول العرش، والعموم فى ذلك كله أولى كما فسرت الآية أولا، ومعنى لا يستكبرون عن عبادته لا يتعظمون عنها، ويعدون أنفسهم كبراء عنها.

{ ولا يسْتَحْسِرُونَ } يكلون عن العبادة ويفترون عنها لتعب، إذ لا يصيبهم تعب، والاستفعال هنا بمعنى الفعل كأنه قيل لا يحسرون أو للمبالغة على الأصل بمعنى انتفى الحسور انتفاء بليغاً، كما هو وجه فى قوله تعالى:وما ربك بظلام } [فصلت: 46] أى انتفى الظلم عنه انتفاء بليغاً.