الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }

{ وما أرسَلْناك } يا محمد بما ذكروا مثاله من الشرائع والأحكام والوعد والوعيد، { إلاَّ رحمة للعالمينَ } نصب على التعليل، أى لنرحم بك العالمين، والرحمة من الله لا على التعليل، والرحمة منه صلى الله عليه وسلم لاختلاف الفاعل، لأن فاعل الإرسال هو الله عز وجل، ويجوز أن يكون حالا من الكاف مبالغة، كأنه صلى الله عليه وسلم نفس الرحمة، أو بمعنى راحماً أو ذا رحمة، أو حالا من نا، أى ذوى رحمة أو راحمين ودخل فى العاليمن الكفار والمؤمنون وأهل الشقاوة مطلقا، لأن الله رحمهم به.

لأنه صلى الله عليه وسلم ويبين لهم الهدى وأسباب السعادة، فلم يقبلوا رحمته لخلافهم وضيعوها، وأيضا هو لهم نفع دنيوى أيضا لا يستأصلون كما استؤصلت أمم قبلهم بنحو مسخ وخسف وإغراق، وصاعقة، وهل دخلت الملائكة فى العالمين، وهل بعث إليهم قولان، قالت جماعة بعث إليهم فهو رحمة لهم، ولا ندرى بم أمرهم أو عم نهاهم، وعليه المحلى فى شرح جمع الجوامع، وادعى الفخر الإجماع عليه، ولا إجماع، وقال قوم: لم يبعث إليهم ولم يدخلوا فى العالمين.

القول الثالث: أنهم داخلون فى العالمين، ولم يبعث إليهم قلت: كنت أقول بهذا فى المذهب، لأنهم ازدادوا به عبادة، ولم يبلهم الله تعالى بما بلى روت وما روت، وقال صلى الله عليه وسلم لجبريل: " هل أصابتك هذه الرحمة؟ " قال: نعم، كنت أخشى عاقبة فآمنت لقوله: { ذى قوة عند ذى العرش مكين } " ولا سند لهذا الحديث، فهو رحمة لهم كما هو رحمة لسائر الحيوان غير مرسل اليها، وكذا المجانين والأطفال هو رحمة لهم بلا بعث إليهم، ويجوز أن نقول: بعث للأطفال والبله الذين يفهمون قليلا، فإنهم ثيابون بحسناتهم بلا عقاب على سوء، وكما دخلت الملائكة فى نحو:الحمد لله رب العالمين } [الفاتحة: 2] دخلوا هنا، وقد زعم بعض أن الأنبياء كلها من نوره صلى الله عليه وسلم.