الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي }

{ ولَقدْ قال لَهُم هارون من قَبْل } قبل رجوع موسى من الطور إليهم، أو من قبل قول السامرى:هذا إلهكم وإله موسى فنسى } [طه: 88] سارع الى تحذيرهم قبل أن يفتنهم السامرى، لانه تفرس فيهم الفتنة والعطف على ما قيل عطف قصة على أخرى، أو على أن لا يرجع فتتسلط عليه الرؤية، أى أفلا يرون عدم الرجع والضر والنفع، وقول هارون وعظاً لهم، ولا تصح أن تكون حالا لكونها إنشائية.

{ يا قوم إنَّما فتُنْتُم به } محط الحصر، قوله به، أى ما فتنتم إلا به تدعون أنه هدى لكم، وما هو الإضلال بشبه قصر القلب، كأنهم قالوا: ما هدينا إلا به، فأجيبوا ما فتنتم إلا به، لا كما زعم بعض أن الحصر متوجه الى فتنتم به، بمعنى ما وقع إلا فتنتكم به، وهو غلط لأن الحصر بإنما يتوجه الى آخر كلام، وإن لم يكن له آخر متحيز، كان متوجهاً الى الجملة، كما إذا ختمت بالضمير المتصل غير المفصول بحرف جر، نحو: إنما قمتم إنما أمرتكم، ولو كان مفصولا بحرف، أو منفصلا كان الحصر عليه كالآية، وكقولك، إنما أعطيتكم إياه، أى ما أعطيتكم إلا إياه.

{ وإنَّ ربَّكم الرَّحْمن فاتَّبعونى وأطيعُوا أمرى } حصر الربوبية لله حصر قلب، بتعريف الطريفين، وكان بذكر الربوبية والرحمة استجلاباً لهم الى التوبة، وتلويحاً بأنها تقبل، والفاء لعطف فعلية إنشائية، على اسمية إخبارية، أو فى جواب إذا، أى إذا كان ذلك فاتبعون على الثبات في توحيد الله عز وجل وطاعته، وأطيعوا أمرى فيهما، وقيل: اتبعونى الى الطور، وأطيعونى في ترك العجل، ويبحث فيه بأن هارون لم يؤمر بالذهاب الى الطور، وإلا لم يتخلف، لا هم وعدوا بالذهاب اليه، فيذهب بهم اليه.