الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ }

{ قال ما أخْلفنا مَوْعدكَ بمَلْكِنَا } باختيارنا الذى ملكناه، بل بوسوسة السامرى، وقرأ عمر بملكنا بفتح الميم واللام، قال أبو حيان: سلطاننا، واستظهر هو أن الملك بضم الميم وفتحها وكسرها، وأسكان اللام فيهن بمعنى، وقال أبو على: معنى المضموم أنه لم يكن لنا ملك فنخلف موعدك بسلطانه، وهو قراءة حمزة والكسائي والحسن، والأعمش وطلحة، وابن أبى ليلى وقعنب، المفتوح مصدر ملك، والمعنى ما فعلنا ذلك بأن ملكنا للصواب، ووفقنا له وكثر استعمال المكسورة فيما تملك اليد، وتحوزه، لكن يستعمل في الأمور التي يبرمها الإنسان، والمعنى عليه كالمفتوح، والمصدر في هذين مضاف الى الفاعل، ويقدر المفعول أى بملكنا الصواب، وبينوا منشأ خطئهم بقوله:

{ ولكنَّا حُمِّلنا أوزْراً من زينة القَوْم } القبط، والأوزار الأحمال، وهى ما استعاروه منهم لزينة العيد او العرس، أو ما ألقاه البحر على الساحل، وهو بعيد لكن الله قادر على إلقائه، وسميت أوزاراً لأنها تلبس فخراً وخيلاء، وترفعاً على الفقراء، أو لأنها سبب عباد العجل، إذ صور به، أو لأنه في حكم الغنيمة، فتجمع فينزل عليها ناراً، وشبهها فتفنيه، وهذا من إضلال السامرى، ويبحث فى ذلك قوله تعالى:وأورثناها بنى إسرائيل } [الشعراء: 59] وأما قوله تعالى:من حليهم } [الأعراف: 148] فلا نص فيه على أنها حلت لهم لجواز أن تضاف إليهم، لأنها في أيديهم، وقد أمرهم موسى باستعارة الحلى والدواب من القبط، ولعل موسى أبقى الحلى في أيديهم، لينظر ما يؤمر به فيه، فيصيغ به عجل أو حل لهم تملكه، لأنه لا يوجد مالكه، ولا وارثه، وإن وجد فى النساء والضعفاء والصبيان، ففى رده بعد، إذ يبعد الوصول إليهم كل واحد بماله، وأن ذلك ليس بحكم الغنيمة.

{ فقذفناها } طرحناها في النار لتذوب وتصاغ عجلاً، وذلك في حفرة على قالب عجل، وقيل: القنياها عن أنفسنا وأولادنا وهو ضعيف { فَكَذلك } أى مثل إلقائنا في النار ما معنا من ذلك { ألقى السَّامرى } ما معه من ذلك فيها وفى داخلها قالب عجل يريهم أنه ليس يخص نفسه عنهم، وزاد ما معه من أثر الرسول قيل: أو أرادوا ألقى التربة من أثر الرسول، ولذلك غيروا الأسلوب، ولم يقولوا فقذفناها، وقذف السامرى ما معه منها، وأما تغيير الأسلوب بأن قالوا ألقى، ولم يقولوا قذف من حيث إن القذف يناسب الجرم المجتمع لا التراب، فقد قيل به، إلى أنه ضعيف أيضاً، ويقال: قال لهم تأخر موسى للحلى الحرام الذى معكم، فاحفروا في الأرض حفرة، واسجروها ناراً، وألقوه فيه، ففعلوا، وقد ألقى فيها قالب عجل، ويقال ألقى هارون أيضاً، وما يدرى ما أراد السامرى.

وروى أنه وجده هارون يعمل فقال: ما تعمل فقال عمل ما ينفع، ولا يضر فادع الله أن يتمه، فدعا هارون، ولم يدر ما هو، وروى أن هارون قال اجمعوا هذه الحلى حتى يجيء موسى فجمع وأذيب، فالتقى السامرى عليه القبضة وقال: كن عجلا بإذن الله.