الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ }

{ كُلُوا } قائلين كلوا وقيل: مستأنف { مِنْ طيِّبات } حلو وحلال { ما رزقناكمْ } قدم الإنجاء من العدو لأنه من دفع المضار، وهو أهم من جلب المنافع، والتخلى قبل التحلى، وعنى بالنعمة الدينية، لأنها من المناجع كالألف في الوجه، ما وجه بلا أنف، وأخر النعمة الدنيوية لأنها دونها، نجانا الله من كيد الأعداء، وجعله في نحورهم، ولا جعل لعدوِّنا سبيلا إلينا.

{ ولاَ تطغَوْا فيه } فى ما رزقناكم بالإسراف والبطر، والاستعانة به على معاصى الله، ومنع الحقوق الواجبة، ومنعه عن مستحقه، وإعطاءه من ليس له أهلا، والفخر به، وسرقة وغصب ونحو ذلك من أنواع كفر النعمة، وذلك فى سائر أحوالهم، لا فى خصوص المنِّ والسلوى، وقيل: الكلام فيهما، والمعنى لا تدخروا { فيحلَّ } ينزل { عَليْكم غَضبَى } أو يلزمكم من حل الدَّين يحل إذا وجب أداؤه، لحضور أجله { ومَنْ يحلل عليْه غَضَبى } أظهر فى مقام الإضمار تغليظاً بذكر الغضب باسمه مضافاً لاسّمه تعالى، ولأن الثانى أعم، والمراد بالغضب العقاب، فهو فعل له عز وجل هنا لا وصف، وإن جعلناه وصفاً قدر مضاف، أى مقتضى غضبى، وهو العقاب { فَقدْ هَوَى } هلك، فإن الهلاك مسبب ولازم للسقوط من عال، أو هوى وقع في الهاوية، ويقال في جهنم قصر يرمى الكافر من أعلاه، فيهوى اربعين خريفاً.