الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَا فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ }

{ قالُوا لَن نؤْثرك } نختارك باتباعك { عَلى ما جاءنا } على موسى من الله عز وجل " من البينات " المعجزات، وكما جاءهم البينات على يد موسى، وبعث اليهم بعث الى غيرهم، وذكروا أنفسهم، لأن المقام لذكرهم أنفسهم، وذكر ما شاهدوا وأيضا لعلهم لا يدرون أنه بعث الى غيرهم أيضا، وفي جاء ضمير ما الواقعة على البينات، وأجيز عوده على موسى، ويقدر الرابط، أى على ما جاءنا به، والمشهور أنه لا يحذف الرابط المجرور إلا إن جر الموصول بمثل جاره، وعلق بمثل متعلقه.

{ والذى فَطَرنا } خَلَقنا، وهو الله، والعطف على ما، ويجوز أن يكون قسماً أغنى عن جوابه معنى قوله: { لن نؤثرك } لا لفظه، لأن القسم لا يجاب بلن، وأما قول أبى طالب، والله لن يصلوا إليك البيت فنادر جدا { فاقْضِ ما أنْتَ قاضٍ } جواب لقول فرعون لأقطعن الخ، احكم بما شئت، أو افعل ما شئت، كقوله تعالى:فقضاهن سبع سماوات } [فصلت: 12] أي فعلهن وأمرهم إياه بالقضاء تسليم الأمر لله، بمعنى أنه لا طاقة لنا على دفعك، واقناط عن الكفر، ولو أحرقتنا أو أقرضتنا بالمقاريض، أو نحو ذلك، مما هو أعظم من القطع من خلاف، ولا يبعد عن قوة قلوبهم بالله عز وجل أن يكون تهديدا له، بما في الآخرة، والرابط محذوف، أى ما أنت قاضيه بالاضافة، أو ما أنت إياه قاض، وليست مصدرية لضعف وصلها بالجملة الاسمية.

{ إنَّما تَقْضى } تفعل أو تحكم ما تريد { هذه الحياة الدُّنيا } نصب محل هذه على الظرفية، وما كافة حاضرة، مع أن مالك إلا ما تفعل أن تحكم في هذه الزمان الفانى القصير، الذى لا نرغب في عذبه، ولا نرهب من عذابه، ولنا في الآخر الدائمة رغبه، نرجو إتمامها من خالقنا، ويجوز كون ما مصدرية، والمصدر مبتدأ، وهذه ظرف خبر، أى إن قضاءك ثابت في هذه الحياة الدنيا، ويجوز أن لا يقدر اتقضى مفعولا تنزيلا له منزلة اللازم.