الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ }

{ قال آمنتُمْ لَهُ } أأذعنتم لموسى باتباعه، أو صدقتم به أى برسالته، أو اللام للتعليل أى آمنتم بالله لأجل موسى، فحذف بالله أو الهاء لرب موسى وهارون، وفيه تفكيك الضمائر، أن الضمير في: { إنه لكبيركم } لموسى لا للرب، وما تقدم أولى الأن الايمان يكون بالباء مع الله، وباللام مع غيره كقوله عز وجل:يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين } [التوبة: 61]فما آمن لموسى } [يونس: 83]لن نؤمن لك } [الإسراء: 90]وما أنت بمؤمن لنا } [يوسف: 17]فآمن له لوط } [العنكبوت: 26] { قبل أن آذن لكُم } أى من غير إذنى لأنه لم يقال لهم من قبل لا تؤمنوا حتى آذن لكم، ولا عرفوا ولا اعتقدوا أنه يأذن لهم فى الإيمان كائنا ما كان ذلك كقوله تعالى:قبل أن تنفد كلمات ربى } [الكهف: 109] مع أنه لا نفاد لها البتة ولا مانع أن يكون لما رأى معجزة موسى الغالبة لسحرهم فقال: لا تعلنوا الإيمان حتى آذن لكم فيه، ذكر بعض أن الأمر يدل على إرادة الأمر الفعل المأمور به، وليس فى الإذن ذلك.

{ إنَّهُ لَكبيركُم } في السِّحر { الذى علمَّكُم السِّحر } فأنتم وهو على غير هدًى، والهدى ما أنا عليه، وقد ضللتم عنه، واتفقتم أنتم وموسى في ذلك علىَّ فليس إيمانكم لحجة قامت عليكم، أو خذلكم فى التعليم لم ينصح لكم فقبلكم { فلأقطِّعنَّ } شدد مبالغة { أيْديكُم وأرْجُلكم مِن خلاف } الجانب المخالف أو الجهة المخالفة، وهو مصدر، كأنه قيل: من جانب ذى خلاف للآخر، أو من جهة ذات مخالفة للأخرى، أو مصدر بمعنى الوصف، ومن للابتداء، وان أبقيناه على المصدرية بلا تقدير مضاف، ولا تأويل للوصف، فمن بمعنى عن، أو على ولا إشكال كما زعم بعض، وهى متعلقة بأقطعن، ولا حاجة الى تقدير تقطيعاً مبتدأ من جانب مخالف، واو من جهة مخالفة، أو لأقطِّعنَّها متخالفات، وذلك قطع اليد اليمنى، والرجل اليسرى، أو الرجل اليمنى، واليد اليسرى، وفي بيان هذه الهيئة لهم رضى الله عنهم إخبار بأن القطع لا بد منه، ولم يقطع وفاقا إبقاء عليهم للرحمة أو الألفة سبقت لهم معه، أو لأنه دون القطع من خلاف في الفظاعة.

{ ولأُصلبِّنَّكم } شدد مبالغة { في جُذُوع النخْل } أى عليها من ظاهرها بلا حفر فيها، شبه إعلاءهم فيها مدة طويلة، جعلهم فى داخلها لجامع التمكن استعارة أصلية، واستعارة فى من جانب المشبه به لمعنى، على من جانب المشبه تبعية، وقيل: حفر لهم فى الجذوع، أو أراد الحفر فلا استعارة، وهو بعيد، بل لا ندرى أوقع الصلب، ولعله أخبرهم فرعون به، ولم يفعل، والظاهر أنه فعل فقيل هو أول صالب وشهر، واستظهر بعض البقاء على الأصل، وهو عدم الفعل.

السابقالتالي
2