الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } * { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ }

{ فَتَنازعُوا أمرهُم بَيْنَهم } هو ما أراده منهم موسى، من أن يغلبهم تشاوروا فى ذلك الأمر، كأنه ينزع كل واحد عن الآخر ما يقول فى شأنه من الرأى، ويريد رأيه. أو ينزع كل واحد عن الآخر الكلام فيه قبل تمامه، أو يعجل بعد تمامه، ويتكلم هو ما يريد، وإذا تم كلامك فتكلم غيرك، وقد احتمل أن تزيد فقد نازعك { وأسرّوا النَّجْوى } زادوا فى الكلام الذى لم يجهر به خفاء، وذكر فتناجوا به فى قوله:

{ قالُوا } أى السحرة المعلومون من المقام، أو لفرعون وقومه مطلقاً { إن هذان لساحران } فالإسرار عن موسى لمروءتهم، أو تناجوا حين سمعوا كلامه بأنه ليس كلام ساحر، أو بأن قالوا: إن غلبنا اتبعناه، أو قالوا: إن كان ساحراً غلبناه، وإن كان أمر من السماء فله أمره، وهذا أمر لموسى، ونسبه الله عز وجل إليهم، لأنهم ذكروه فيما بينهم، فالإسرار عن فرعون لئلا يعاقبهم فاختلفوا فيما بينهم قال بعض: إن ذلك حق من الله، وقال بعض: هو سحر، ثم اتفقوا أنهما ساحران، ويجوز أن يكون واو فأتوا بفرعون وملئه خاطبو به السحرة ولا تخافوهما أيها السحرة، لا تختلفوا فما إلا ساحران، وأنتم أعلم بالسحر، وفيه بعد لأن واو تنازعوا وما بعده ليست لفرعون وملئه وإن جعلت لهم لم يكن فيه بعد، هذان بالألف مع إنما اسم إن، واللام للتأكيد فى خبرها، وذلك على لغة كنانة، وبنى الحارث وخثهم، وزيد وأهل تلم الناحية، وبنى العنبر وبنى الهيجم، ومراد وعذرة، ويلزمون المثنى الألف كقوله:
وأما لريا ثم واها واها   يا ليت عيناها لنا وفاها
وموضع الخلخان من رجالها   بثمن ترضى به أباها
وقوله:
وأطرق إطراق الشجاع ولو رأى   مساغاً لتأباه الشجاع لصمما
وقالوا: ضربته بين أذناه ومن يشترى الخفان أو جاء بالأنف للتنبيه على الأصل من أن هذين فى الجر والنصب ليست ياؤه أعرابا، بل هو مبنى وألفه بقيت لم تقلب ياء، وهى ألف المفرد. وهى مناسبة لألف ساحران، وذكر البخارى ومسلم عن عائشة وعروة بن الزبير: هذا والمقيمين الصلاة والصابئون لحن من الكتَّاب، وخطأ ومعناه أنه عدول عن القراءة المشهورة، فى اللغة، وفى الأخذ عنه صلى الله عليه وسلم، ولا يصح عن عثمان ما قيل عنه إن ذلك لحن ستقيمه العرب، ولم يتقدم ما تجعل له إن جواباً بمعنى نعم، فيكون هذان مبتدأ، واللام زائدة فى خبر هذان، أو داخلة، على مبتدأ أى لهما ساحران لعدم صحة أن بمعنى نعم، أو ندوره كقول ابن الزبير: إن وراكبها والأصل عدم الحذف والزيادة.

{ يريدان أن يخْرجاكُم من أرضكم } من مصر { بسحْرهما } نسبوا ما لموسى اليه والى هارون لأنهم رأه يجرى معه { ويذْهَبا بطَريقتكُم المُثْلى } الباء للتعدية كالهمزة أى يذهبان طريقتكم بضم الياء، والطريقة المذهب، والمثلى العظمى العليا، وهى ما عليه فرعون وقومه من شرك.

السابقالتالي
2