الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ }

{ الرَّحْمن } مبتدأ خبره قوله: { عَلى العَرْش اسْتَوى } أو يقدر هو الرحمن، أو بدل من المستتر فى خلق على وضع الظاهر موضع المضمر، كأنه قيل تنزيلا ممن خلق الرحمن السماوات، برفع الرحمن تنزيلا منزلة رابط الصلة، كقوله: وأنت الذى فى رحمة الله أطمع، أى فى رحمته وما تقدم أولى، واستوى خبر ثان للرحمن إذا قدر: هو الرحمن، وعلى الإبدال يقدر هو استوى.

والعرش فى اللغة سرير الملك، وفى الشرع سرير ذو قوائم تحمله الملائكة عليهم السلام فوق السموات كالقبة، كما خلق الله الغار فى الجبل، وليس الله حالا فيه ولا فوقه، ومعنى استواءه على العرش أنه ملكه.

روى أن الحسن كان يعظ الناس فوقف عليهم أعرابى فقال: يا أبا سعيد أجلس ربنا على العرش، فغضب، فقال يزيد الرقاشى: يا أبا سعيد لقد رأينا صدر هذه الأمة يبغض أحدهم السؤال عن الله سبحانه وتعالى، ثم يجيب فأجب إن كان عندى جواب؟ فعرف الحسن أنه أساء، فقال الأعرابى: إياك أسأل يا يزيد رحمك الله، فقال: يالكع إنما يقوم من يمل القعود، ويقعد من يمل القيام، قال: فمتكىء هو؟ قال: إنما يتكىء من يمل القعود والقيام، قال: أمتصل هو بعرشه؟ قال: سبحان الله تباً لكم إنما يتصل بالمخلوق من هو مخلوق وأما الرب سبحانه فلا مثل له، ولا يتصل بشىء، ولا يمسه شىء، ولا يناله شىء، وهو أعز وأمنع أن يتنزل بحالة الاتصال، قال أفمنفصل هو؟ قال: إنما ينفصل ما يحد بحدود، ولا حد الله تعالى ولا غاية.

قال: سبحان الله هو لا قائم ولا قاعد، ولا متكىء ولا مضطجع، ولا متصل، ولا منفصل فكيف هو؟ قال: لا كيف له، ويحك أتدرى ما الكيف؟ قال: لا، قال: إنما الكيف فى الغائب إذا استوصف فيوجد له فى الحاضر، فيقول الواصف هو كذا أو مثل كذا، وأما الرب جل وعلا فلا مثل له فيما غاب، ولا فيما بقى، ولا يقال له كيف، ولا يُطلب بالكيف، إنما يراد بالكيف الشبه والعدل، والله تعالى ليس كمثله شىء.

وفى الصحيحين عن أبى سعيد: " جاء يهودى الى النبى صلى الله عليه وسلم يشكو صحابياً لطم وجهه، فقال صلى الله عليه وسلم: " لم لطمت وجهه؟ " فقال سمعته يقول: والذى اصطفى موسى على البشر، فغضبت وقلت: يا خبيث اصطفاه على محمد، فلطمته غيرة، فقال صلى الله عليه وسلم: " لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون وأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدرى أفاق قبلى، أم جوزى بصعقة الطور " فذكر للعرش قوائم، وإنما نهى عن التخيير قبل أن ينزل عليه أنه سيد ولد آدم، وأنه إمام الأنبياء، ونبيهم ونحو ذلك فى أحاديث.

السابقالتالي
2 3