الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ }

{ قال علمها عند ربى } إنما علمنى ربى التوحيد والدعاء إليه، وإلى عبادته، ولا علم له بأحوال الماضين، لأن ذلك قبل نزول التوراة، فإنما نزلت بعد هلاك فرعون، وإن كان موسى قد علم منها شيئا كما قال مؤمن آل فرعون،يا قوم إنى أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب } [غافر: 30] الخ فمراد موسى لا علم لى بها كلها أو باكثرها أو كثير منها أو لا علم لى بتفصيلها، أو ما علمه مؤمن آل فرعون يعلمه من موسى، وقيل:فما بال } [طه: 51] الخ متعلق بقوله:والسلام } [طه: 47] الخ أى فهل عذبت القرون الأولى المكذبة، وقيل: السؤال عن البعث، وما فى علمها للقيامة، وهو قول لا يلتفت إليه، وقيل: متعلق بقوله:أعطى كل شىء خلقه } [طه: 50] فإنه يتضمن أنه تعالى عالم بأحوال الخلق، استبتعد أن يكون الله عالما بأحوال الخلق كلهم، مع كثرة القرون الأولى، وانتشارهم، ولعله خص القرون الأولى من بين الكائنا لعلمه ببعض أخبارهم، وقيل: متعلق بقوله: " هدى " أى ما بال القرون الأولى لم يهتدوا لهذا الهدى، وكفروا، وجواب موسى بأن العلم عند الله عز وجل يأتى على كل سؤال.

{ فى كتاب } هو اللوح المحفوظ أو الدفتر، كناية عن أنه محفوظ كما يحفظ الشىء المعتنى به، لئلا ينسى، ويلوح إليه بقوله: { لا يضِل ربِّى } لا يخطأ، وقيل لا يضل عما أراد { ولا يَنْسى } فيجازيكم على أعمالكم كلها، والمكتوب حروف لا علمه تعالى، لكن الحروف تتضمن كلاماً، والكلام يتضمن أنه عالم عز وجل، والجملتان دفع لأن يحتاج الله الى كتابة أو أن يعجز، وإنما كتب لحكمة تعليم الملائكة، ومقابلة الفاعل بما فعل، والضلال الخطأ باثبات ما لا يكون، أو نفى ما يكون، وإذا فسر الكتابة بالكتابة المذكورة، فالجملتان تذييل لتأكيد الجملة السابقة، وهما على العموم لا يخطأ فى شىء ما، ولا ينسى شيئا ما، فدخل فيهما أحوال القرون الماضية، والبعث ووقته، والمطيع والعاصى، وجزاءهما فى الدنيا والآخرة، وما كسبا، وسعادة السعيد، وشقاوة الشقى، فيقدر معمولاهما عامين، وللعموم حذف أولا يقدر لهما، بل المراد قطع الضلال والنسيان، هكذا البتة من أصلهما، وكتابة العلم وما يحتاج إليه أمر مجمع عليه بعد الصدر الأول.

قال أبو هريرة: ما من أحد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا منى إلا عبد الله بن عمر، فإنه كان يكتب، ولا أكتب قال عبدالله بن عمر: يا رسول الله إنا نسمع منك الحديث، أفنكتبه عندك؟ قال: " نعم " قلت: فى الرضا والسخط؟ قال: " نعم، فإنى لا أقول فيهما إلاَّ حقاً "

السابقالتالي
2 3