الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ }

وإن قلت: كيف يجوز تعليقه باخترتك مع قوله: { إِنَّنِى أنا الله لا إله إلا أنا } فإن تعليقه باخترتك يفهم أن اختياره لكون الله لا إله إلا هو، مع أنه لم يختره لهذا فقط؟

قلت: لا حصر للاختيار فى ذلك بل تنصيص على الأهم، أو لم يسق " إننى أنا الله لا إله إلا أنا " للدخول تحت اخترتك، والأمر بالاستماع أمر بالتأهب لما قيل له:فاستمع لما يُوحى } [طه: 13] وقف على حجر، واستند الى آخر، ووضع يمينه على شماله، وألقى ذقنه على صدره، وأصغى بشرار شره، وأدب الاستماع سكون الجوارح، وغض البصر، والإصغاء للسمع، وحضور العقل، والعزم على الامتثال، وبنى الوحى للمفعول للفاصلة، فلم يقل لما يوحى بكسر الحاء، ورتب على وحدانية الله تعالى العبادة بالفاء فى قوله:

{ فاعْبُدنى } تذللك لى بكل ما أمكن وقدرت عليه. مما أمرت به خصوصاً وعموماً، ولا يترجح أن المراد هنا التوحيد، بل العموم، ويدل للعموم حذف المعمول. أو لمزية الصلاة على ما بعد التوحيد، خصها بالذكر فى قوله عز وجل: { وأقِم الصَّلاة لذْكرى } تخصيصاً بعد تعميم العبادة، لاشتمالها على ذكر المعبود، وشغل القلب واللسان. وقد سماها الله إيماناً فى قوله تعالى:ما كان الله ليضيع إيمانكم } [البقرة: 143] واللام متعلق بأقم أو باعبد على التنازع، وإعمال الثانى أو من مجرد الحذف لدليل أى ائت بها مستقيمة لتذكرنى فيها، بمعنى أنها مشتملة على الأذكار فإذا أقمتها فقد أتيت بهذه الأذكار، أو لئلا ننسانى، أو لتذكرنى خاصة لا تشوبها برياء، أو ذكر غيرى، أو لتستغرق أو فاتك بالذكر.

ويجوز أن تكون الياء فاعلا فى المعنى، أى لأن أذكرك بالثناء، أو لذكرى إياها وإياك فى الكتب، وما قبل هذا من الإضافة للفظ الذى يقال فى الاصطلاح مفعول به، وكاذ إذا جعلنا اللام للتوقيت. أى لأوقات ذكرى، وهى أوقات الصلاةإن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا } [النساء: 103] وذلك دليل على أن لا فرض بعد التوحيد كالصلاة.

ويجوز أن يكون لذكر صلاتى بعد نسيانها على حذف مضاف، فتكون اللام للتعليل، أو للتوقيت، أى قضها عند تذكرها، أو يعتبر أن ذكر الصلاة سبب لذكر الله، فأطلق المسبب على المسب، أو أوقع ضمير الله موقع ضمير الصلاة لشرفها، أو المراد الذكر الحاصل منى، فأضيف الذكر بمعنى التذكر لله عز وجل لأحد هذه الملابسات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا استيقظ أو تذكر فذلك وقتها " ويدل لهذا قراءة قتادة: لذكرى بفتح الراء، وبألف بعد، أى للتذكر بعد نوم أو نسيان، وبدل له أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2