الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } * { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } * { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ }

{ ولولا كَلمةْ } عدة { سبَقَت من ربَّك } بأن لا يهلك أمتك باستئصال كقوم نوح وعاد وثمود، أكراماً لك، كما يدل له لفظ الربوبية مضاف لضميره، ولأن من نسلهم من يؤمن، ولما شك الله عز وجل { لَكَان } الإهلاك لهم { لِزاماً } لاصقاً بهم، فجأة ولا يتأخر كخصم ملح، كما فعلنا بمن قبلهم، وأصله مصدر لازم يلازم، أو اسم آلة كالحزام، والركاب، وصف به للمبالغة، ويبعد كونه جمع لازم كقائم وقيام، لافراد ضمير كان فيحتاج الى تأويل أن إهلاك كل واحد كان لازماً، وجملة إهلاكتهم لوازم.

{ وأجلْ مسَمَّى } عطف على كلمة أو ضميرها فى سبقت أخر مسارعة الى مضمون جواب لولا، للفاصلة، والأجل المسمى آجال أعمارهم، وقيل الأجل المسمى لعَذَابهم يَوْم القيامَة أجلنا لهم عذاب يوم القيامة وحده، لا عذاب استئصال معه، وقيل الأجل المسمى أجل عذاب يوم بدر، وعدهم إياه ولم يعدهم عذاب الاستئصال، وأجيز عطفه على ضمير كان، أى لكان الأخذ العاجل، والأجل المسمى لازمين لهم، كدأب عاد وثمود، وصلاه الله عز وجل من ضيق قلبه بكفر قومه وأذاهم بقوله:

{ فاصْبِر عَلى ما يقُولُون } من كلمات الكفر، فإنهم معذبون عليه لا محالة، وليسوا مهملين، بل ممهلون، وهذا صبر لا ينسخ، فهو مستمر بعد الأمر بالقتال وقبله { وسبِّح بحَمْد ربِّك } صل ملتبساً بحمد ربك، يزدك كمالا وتوفيقاً { قَبْل طُلُوع الشَّمْس } صلاة الفجر وقبْل غُرُ وبها صلاة العصر، " قال فضالة بن وهب الليثى: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حافظ على العصرين " قلت: وما العصران؟ قال: " صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها " " وقيل: قبل غروبها الظهر والعصر، لأنهما قبل الغروب، وبعد الزوال، وجمعهما مطابقة لقوله: " قبل طلوع الشمس " ولا يخفى أن المتبادر قبل الغروب العصر، لأنه يليه.

{ ومن آناء الليل } من ساعات الليل جمع إنى أو إنو بكسر الهمزة وإسكان النون فيهما أو إناء بكسر الهمزة وفتح النون بعدها ألف عن ياء، أو عن واو هو متعلق بقوله { فسبِّح } على أن الفاء مقحمة للدلالة على لزوم ما بعدها لما قبلها، أو بمحذوف عطف عليه بالفاء، سبَّح أى قم وقتاً من آناء الليل، فسبِّح، وزعم بعض عن النجاة أن الفاء لا تمنع ما بعدها عن العمل فيما قبلها، ولو لم تكن زائدة، والمراد صلاة المغرب والعشاء { وأطْرَاف النَّهار } بالنصب عطفاً على محل من آناء الليل، أو على من التبعيضية، أو على قبل الشمس، أوعلى قبل غروبها، والمراد ذكر الله فى جميع النهار بصفات الجمال، والتنزيه عن النقائص، أو بقول: سبحان الله والحمد لله.

روى أنه من سبح عند غروب الشمس سبعين تسبيحة، غربت بذنوبه، وعبر بطرفيه لا صلاة النفل كما قيل، لأنه لا صلاة بعد صلاة الفجر، حتى تطلع الشمس طلوعاً كاملاً، ولا بعد صلاة العصر ولأن ذلك نفل والأصل فى الأمر الوجوب، والمقام له، وتقدم قول بدخول صلاة الظهر فى قوله قبل غروبها، وأجيز إرادة صلاة الظهر بأطراف النهار، لأنها بعد الطرف الأول، وهو النصف الأول من النهار، وأول الطرف الآخر، وهو النصف الثانى، وذلك ولو كانا طرفين للنصفين هما طرفان للنهار، لأن النصفين له والظهر، ولو كان لا يقام آخر النصف الأول، لكن يقام أول النصف بعده تلك صلاة حصلت بعد وجود الطرف الأول، وحصول الثانى، وقيل: هذا تكرير لصلاة الصبح والعصر، والنهار ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس، ولا يضرنا أن الطرف الأول محدود متميز، والثانى ليس على حدته إلا أن الأصل عدم التكرير، وأطراف مراد به اثنان أو هو باعتبار تعدد النهار، الأول أولى، وأجيز أن يكون الطرف بمعنى الطائفة من الشىء.

السابقالتالي
2 3