الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } * { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }

{ وَلَتَجِدَنَّهُمْ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لمن يصلح، وكذا فى جميع القرآن بحسب الإمكان، والأول أولى، والهاء لليهود المخاطبين، ويلتحق بهم اليهود الباقون وقيل للجنس { أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَٰوةٍ } نوع من الحياة، وهو المتطاولة لقوله تعالى: { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } والآية تدل أن لغيرهم أيضاً حرصاً على الحياة الطويلة إلا أنهم أحرص، لأن أحرص اسم تفضيل، فإن الحرص على الحياة فى طباع المؤمن وغيره، وفى الحديث القدسى: " إن المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته " وأيضاً، قد يحرص المؤمن على الحياة ليكثر العبادة، إلا أنه ليس ذلك منه مذموما، وقد يحمل الحديث عليه { وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا } المجوس وعبدة الأصنام من العرب وكانت المجوس يقولون للعاطس، أحرص الناس من الناس، أى من سائرهم، أو يقدر أحرص من الذين اشركوا، أو يقدر، ومن الذين أشركوا أناس يود أحدهم، وعلى الوجهين الأولين يكون يود... إلخ مستأنفا، أو حالا من الذين، أو واو أشركوا، أو من الهاء، وذكرهم مع دخولهم فى الناس زيادة فى التوبيخ لهم، بأنهم مع إقرارهم بالبعث والحساب أشد حرصاً ممن يعبد الصنم وينكر البعث، وبين حرص اليهود بقوله { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ } أى أحد اليهود، ليس واحدا خاصا، ولكن تمثيل بالواحد، كأنه معين مخصوص مشاهد { لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } أى يود تعميره ألف سنة، والنصب على الظرفية، أو لو حرف تمنّ، محكياً مع ما بعده بيود، لتضمين معنى القول، أو لو شرطية، جوابها لسرَّه ذلك، والألف هى تمثيل للكثرة، لا خصوص هذا العدد، أو بيّن حرصهم بقوله: { ومن الذين أشركوا } إلخ، على أن يراد بالذين أشركوا اليهود تصريحاً بشركهم، وجاء الظاره فى موضع الضمير لذلك على معنى، ومن المشركين ناس يود.. إلخ، فيود... إلخ نعت لمبتدأ محذوف على هذا { وَمَا هُوَ } أى أحدهم { بِمُزَحْزِحِهِ } مبعده، خبر ما والياء صلة أصله زحح، أبدلت الحاء المدغم فيها من جنس الفاء بوزن فعل بشد العين، وقيل: كررت الفاء، فوزنه فعقل { مِنَ } أى من { الْعَذَابِ } بالنار وغيرها من حين يموت إلى ما ينتهى { أَنْ يُعَمَّرَ } تعميره ألف سنة، فاعل مزحزح، كقولك ما زيد قائماً أبوه { وَاللهُ بَصِيرٌ } عليم { بِمَا يَعْمَلُونَ } كله، يعذبهم على كل صغير وكبير.

قال عبدالله بن صوريا، حبر من اليهود، للنبى صلى الله عليه وسلم: أىّ ملك يأتيك من السماء؟ قال: جبريل، قال: هو عدونا، ينزل بالعذاب، والشدة والخسف، عادانا مراراً، لو كان ميكائيل لآمنا بك.

وقيل: سأل عبدالله بن صوريا عمر: من يأتى محمداً من السماء؟ فقال: جبريل، فقال: هو عدونا... إلخ، وقيل: كان لعمر أرض بأَعلى المدينة، ويمر على اليهود فى مدارسهم، ويجلس إليهم ويسأَلهم ويسمع كلامهم، فقالوا: ما فى أصحاب محمد أحب إلينا منك، وإنا نطمع فيك، فقال: والله ما آتيكم لحبى لكم، ولا لأنى شاك فى دينى، بل لأزداد بصيرة فى أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وأرى أثره فى كتابكم، فقالوا: من يأتيه من السماء؟ قال: جبريل، قالوا: هو عدونا، يطلع محمداً على سرنا، وهو صاحب عذاب وخسف وشدة، وأن ميكائيل يأتى بالخصب والسلامة، ولو كان يأتيه هو لآمنا، وأن محمداً رسول الله، وأن بين جبريل وميكائيل عداوة.

السابقالتالي
2