الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ }

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَٰقَ بَنِيّ إِسْرَاءِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ } إما مفعول لأخذنا لتضمنه معنى قلنا، واللفظ نفى، والمعنى نهى، وحكمته الحث على المسارعة للامتثال، حكى أنه قد امتثل فأخبر عنه، وصونا للكلام عن الكذب إن كان بصيغة الإخبار فلم يمتثل فلا حاجة إلى تقدير قلنا، ووجه ذلك، أن أمر الله عز وجل بشىء أو نهيه عنه أخذ للميثاق، ولو لم يقل المأمور والمنهى نعم، وإما جواب للقسم الذى هو الميثاق، ومقتضى الظاهر على هذا لا يعبدون بالتحتية، وإما تفسير لأخذ الميثاق، وهكذا فيما يأتى من القرآن تتصور فيه هذه الأوجه { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَٰناً } أى أحسنوا، أو تحسنون بالوالدين إحساناً أى أحسنوا، أو استواصوا بالوالدين، أى بالوالد والوالدة، فغلب المذكر، ويبعد تفسير الميثاق هنا بميثاق ألست بربكم، والآية مفصحة بعظم الإحسان إلى الوالدين، إذ قرن بطاعة الله تعالى { وَذِي الْقُرْبَى } القرابة كالرجعى بمعنى الرجوع { وَالْيَتَٰمَى وَالْمَسَٰكِينِ } أحسنوا إلا هؤلاء بالمال والخدمة والنفع بالجاه والبدن والرفق وتعليم العلم، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، وهم على ذلك الترتيب، فالله أحق، لأنه الخالق المنعم، وحقه أعظم من كل حق، ثم الوالدان لأنهما سبب وجود الولد، ومتلقيان المشاق فى الولد، ثم ذو القربى، لأنه بواسطتهما، والرضاع لُحمه كالحمة النسب، ثم اليتيم لأنه أصعف لصغره من المسكين، مأخوذ من اليتيم بمعنى الانفراد، كدرة يتيمة، وهو من بنى آدم من مات أبوه قبل بلوغه، ولا يتم بعد بلوغ، ومن الدواب من ماتت أمه، وفى الطير من ماتا عنه، وقد يطلق على من ماتت أمه من الآدميين، وأفرد الغريب لأن القربى مصدر يصلح للأكثر، فتبعه المضاف، وهو ذى، والإشارة إلى أنهم كواحد ولو كثروا فلا تقصروا فى حقهم { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً } بضم فإسكان، أى حسنا بفتحهما، أو ذا حسن، وهو الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، وتعليم الجاهل، والصدق فى شأن محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن، والدعاء إلى التوحيد، والرفق بهم بما يحبونه مما لا معصية فيه ليذعنوا، وليس مما ينسخ { وَأَقِيمُوا الصَّلَٰوةَ } المفروضة عليكم فى التوراة { وَءَاتُواْ الزَّكَٰوةَ } على ما فرض عليكم فيها، وهو ربع المال، تنزل النار فتحرقه، أو تأخذه، أو شىء كالنار، وذلك علامة قبوله، ولا تحرق الحيوان، وهذا خطاب لأوائلهم المأخوذ عليهم الميثاق ومن بعدهم، والكلام فى ذلك لا فى المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن معاصريه تجب عليهم الصلاة والزكاة على ما فرض عليه صلى الله عليه وسلم، أمرناكم بما ذكر من إفراد الله بالعبادة، وما بعده إلى إيتاء الزكاة، وقبلتم { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ } عن الوفاء { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ } وهو من اتبع التوراة والإنجيل قبل البعثة كعبد الله بن سلام { وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ } عن الوفاء.

السابقالتالي
2