الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }

{ وَإِذَا لَقُوا } أى اليهود، إذ القائل منهم، لا كل فرد، أو إذا لقى منافقوهم، والمراد أشرار علمائهم، ومن معهم من العرب كعبد الله بن أبى { الَّذِينَ آمَنُوا قَالُواْ ءَامَنَّا } بمحمد رسولا مبشراً به فى التوراة، وأنكم على الحق فى اتباعه، وهذا إلى قوله، أفلا تعقلون داخل فى توبيخ المؤمنين على الطمع فى إيمانهم، أتطمعون أن يؤمنوا مع أنهم إذا لقوا الذين آمنوا قالوا... إلخ، وإما وبخهم على ذلك الطمع، لأن الطمع تعلق النفس بإدراك المطلوب تعلقا قويا، وهو أشد من الرجاء، فشدد عليهم فيه، لأنه ربما يؤدى إلى ملاينة لا تجوز { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا } أى رؤساؤهم الذين يصرحون بالكفر ولم ينافقوا، أى قالوا لمن نافق منهم. قام النبى صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم فقال، يا إخوان القردة، يا إخوان الخنازير وعبدة الطاغوت، فقالوا: ما أخبر بهذا محمداً إلا أحد منكم أتحدثونهم...إلخ، كما قال { أَتُحَدِّثُونَهُمْ } أتحدثون المؤمنين، وهذا توبيخ على ماض مستمر، فهو موجود فى الحال إذ اعتقدوا أن منافقيهم لم يقطعوا نياتهم عن التحديث والتوبيخ، رفع على ماض وحاضر، أو صورا حالهم الماضية من التحديث بصورة الحاضر { بِمَا فَتَحَ } به { اللهُ عَلَيْكُمْ } أنعم به عليكم من العلم برسالة محمد فى التوراة وصفاته، والإيجاب على الأنبياء أن يؤمنوا به، أو قضى عليكم به، أو أنزله عليكم بوساطة موسى، أو بينه لكم كما يقال: فتح على الإمام، إذا ذكر ما توقف عنه، وذلك الأمر قبل بيانه كالشىء المغلق عليه، وبعد بيانه كالشىء المفتوح عليه، فذلك إقرار منهم بأن الله قضى عليهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليهم رسالته، وتفسيره بالإنزال معنوى { لِيُحَاجُّوكُم } ليحاجوكم حجّاً عظيما، والمفاعلة مبالغة، لا على بابها { بِهِ } بما فتح الله عليكم فيغلبوكم، والللام لام العاقبة مجاز على التعليل، أى فيكون المآل أن يخاصموكم به { عِنْدَ رَبِّكُمْ } فى الآخرة، بأن يشهدوا عليكم بإقراركم بأن الله حكم علينا، أى قضى بأن نؤمن بمحمد وكتابه فستقام عليكم الحجة بترك اتباعه مع إقراركم بصدقه، وهو متعلق ليحاجوا { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } عطف على أتحدثونهم، أو يقدر، ألا تتأملون فلا تعقلون أنهم يحاجونكم يوم القيامة بأن محمداً رسول الله فى التوراة، وذلك من جهلهم، فإنهم يوم القيامة محجوبون بما فى التوراة، حدثوا المؤمنين به أم لم يحدثوا، وإن رجعنا هاء به للتحديث، أى ليحاجوكم بتحدثكم بأن يقول المؤمنون، ألم تقولوا لنا إن محمداً رسول الله فى التوراة كان المعنى أنه اشتد عليهم أن يحاجوهم بالتحديث، ولو كانوا لا ينجون مع من قطع العذر، ولو لم يحدثوهم إلا أنه يضعف رد الهاء للتحديث بقوله:

{ أَوَلاَ يَعْلَمُونَ } عطف على ما قبل، أو يقدر، أيلومونهم ولا يعلمون { أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ } مطلقا، ومنه إسرارهم الكفر، وصافت الله، وصفات رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَمَا يُعْلِنُونَ } مطلقا، ومنه إظهارهم الإيمان فإنه أنسب بردها إلى ما فتح الله، وأيضاً قد يمكنهم إنكار التحديث، لا ما فتح عليهم والمشركون قد يحققون ما علموا أن الله عالم به لفرط دهشتهم، وذلك فى الآخرة، كقوله تعالى

السابقالتالي
2