الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَٰيَٰكُمْ وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وَإِذْ قُلْنَا } لمن بقى من أهل التيه حيا بعد خروجهم { ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ } أريحا، بفتح الهمزة وكسر الراء وإسكان المثناة التحتية بعدها حاء مهملة قرية فى الغور قريبة من بيت المقدس، وهى قرية الجبارين، فيها قوم من بقية عاد، يقال لهم العمالقة، ولم تصح قصص عود، ولا أنه رأس هؤلاء الجبارين، والقائل بإِذن الله هو يوشع بن نون، نبأه فى أخر عمر موسى، وربما قال له موسى: بم أوحى الله إليك، فيقول: لم أكن أسألك عن ذلك.

ويروى أنه لما احتضر فى التيه أخبرهم بأن يوشع بعده نبى، وأن الله عز وجل أمر يوشع بقتل الجبارين فقاتلهم، وفتح أريحا.

وقيل: يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن الله تعالى أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلطمه موسى، وفقأ عينه، فقال: يا رب أرسلتني إلى عبد كره الموت، ففقأ عيني فرد الله عليه عينه، وقال: ارجع إلى عبدي، وقل له: إن شئت أحياك الله عدد ما تقع عليه يدك من شعر متن الثور سنين، فقال له موسى: ثم ماذا؟ قال: ثم تموت، قال: الآن من قريب، ب أدنني من الأرض المقدسة رمية حجر " ، وقبره فى التيه بجانب الطريق عند جبل من رمل، ولا يصح عنه صلى الله عليه وسلم، أن موسى عليه السلام فقأ عين ملك الموت ولا ضربه، لأنه ظلم لملك الموت وسخط لقضاء الله، ورد له، اللهم إلا إن جاء فى صورة لص أو قاطع، ولم يعلمه ملك الموت، وعينه جسم نورانى، وقيل: القرية بيت المقدس على يد يوشع، وقيل على يد موسى، وأنه خرج من التيه بعد أربعين سنة مع قومه، وعلى مقدمته يوشع وفتحها وأقام ما شاء الله ثم مات، وسميت القرية قرية من قرى بالألف بمعنى جمع، وهى جامعة للعامر { فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمَا رَغَداً } لا منع عليكم منى، ولا من أحد، ولا من قلة أو جدب، فهذا مستثنى من كون الأمم السابقة لا يأكلون الغنيمة فإن لداحلى القرية المذكورة أكل ما فيها من مال العمالقة وأخذه وقله إلى حيث شاءوا { وَادْخُلُوا الْبَابَ } باب أريحا، أراد الحقيقة، فإن لها سبعة أبواب أو ثمانية، يدخلون من أيها شاءوا { سُجَّداً } منحنين، تواضعاً لا على الأرض، وقيل: القرية قرية بيت المقدس، والباب بابها المقول له باب حطة، والقائل ادخلوا موسى عليه السلام، قال لهم فى التيه: إذا مضت أربعون سنة وخرجتم من التيه، فادخلوا بيت المقدس، وقيل: خرج موسى من التيه حيا بعد الأربعين بمن بقى منهم، ففتح أريحا، ومات { وَقُولُوا حِطَّةٌ } سألتنا حطة، أو شأنك حطة، أى أن تحط عنا ذنوبنا، وقيل لفظ تعبد عبرانى، لا يدرى ما هو، وقيل تواضع لله، أى أمرنا تواضع لله { نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَيَٰكُمْ } ذنوبكم، والأصل خطابتى بياء بعد الألف زائدة، هى ياء خطيئة، أبدلت همزة فاجتمعت همزتان، قلبت الثانية، وهى لام الكلمة، ياء، ثم قلبت الياء ألفاً، فكانت الهمزة بين الألفين فقلبت ياء، وإنما أبدلوا الياء ألفاً لفتح الهمزة قبلها مع تحركها فى النصب لفظا، وفى الجر والرفع حكما، وقال الخليل: الهمزة على الياء التى بعد الألف، وفعل ما ذكر { وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ } ثواباً لإحسانهم بالطاعة، عطفت الجملة على قولوا.