الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }

{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُمْ } واذكروا إذْ نجيناكم، بإنجاء آبائكم، واذكروا نعمتى وتفضيلى ووقت إنجاء آبائكم { مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ } أتباع فرعون فى دينه، وهو الوليد بن مصعَب بن ريان عُمِّر أكثر من أربعمائة سنة ولقبه فرعون، والفرعنة الدهاء والمكر، كذا قيل، ولعله تصرف بالعربية من لفظ عجمى لا عربى، بدليل منعه من الصرف، فإنه لا علة فيه مع العلمية سوى العجمة التى ندعيها، وهو من ذرية عمليق بن لاود بن إرم بن سام بن نوح، وألف آل عن هاء أهل، والمعنى واحد فيصغر على أول، ونقله الكسائى نصاً عن العرب وهن أبى عمر، غلام ثعلب، الأهل القرابة، ولو بلا تابع والآل بتابع { يَسُومُونَكُمْ } يولونكم على الاستمرار { سُوءَ الْعَذَابِ } ضرّ العذاب ومرارته، والعذاب السوء الأشد، صنف يقطع الحجارة من الجبل، وهم أقواهم، وصنف ينقلها، والطين للبناء، وصنف يضربون اللبن، ويطبخ الآجر، وصنف للنجارة بالنون، وصنف للحدادة وصنف يضرب الجزية، وهم الضعفاء، كل يوم من غربت عليه الشمس ولم يؤدها غلت يده لعنقه شهراً، وصنف لغزل الكتان ونسجه، وهن النساء، ومن سوء العذاب تذبيح الأبناء كما قال الله تعالى { يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ } وقد ذكر أنواع السوء إجمالاً مع الذبح فى قوله تعالى ويذبحون بالواو وأما هنا فالمراد ذلك، أو المراد بسوء العذاب خصوص التذبيح، ولا منافاة لأنه لم يحصره فى لاذبح، بل ذكر فى موضع الامتنان ما هو أشد، مع أنه لا مانع من إرادة العموم هنا أيضا بسوء العذاب، إلا أنه ميز بعضا فقط، كأنه قيل منه تذبيح الأبناء، ذبح إثنى عشر ألف اين، أو سبعين ألفاً، غير ما تسبب لإسقاط أمه، فإن أسقطت ذكراً ذبحه، والتحقيق أن سوء العذاب أعم، فذكر التذبيح تخصيص بعد تعميم، أو المراد ما عدا التذبيح، وجملة يذبحون حال، وعلى أن المراد بسوء العذاب التذبيح تكون مفسرة { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } يبقونهن حيات، أو يعالجون حياتهن إذا أسقطهن، أو النساء البنات الصغار، يبقونهن بلا قتل، وإن كان السقط بنتاً عالجوا حياتها، أو المراد عموم ذلك كله { وَفِي ذَلِٰكُمْ } المذكور من سوء العذاب إجمالاً والتذبيح خصوصاً { بَلآءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } امتحان أو فى ذلكم الإنجاء إنعام، أو فى ذلك الإنجاء، وسوء العذاب والذبح ابتلاء، أتصبرون وتشكرون، أم تجزعون، والله عالم، قال الله تعالىوَنَبْلُوَكُمْ بالشر والخير } [الأنبياء: 35].فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَٰهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ، وَأَمَا إِذَا مَا ابْتَلَٰهُ فَقَدرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } [الفجر: 15 - 16].

رأى فرعون فى النوم ناراً أقبلت من بيت المقدس، وأحاطت بمصر وأحرقت كل قبطى بها ولم تتعرض لنبى إسرائيل، فشق ذلك عليه، وسأل الكهنة، فقالوا له: يولد فى بنى إسرائيل من يكون سبباً فى ذهاب ملكك، فأمر بقتل كل غلام فيهم، وأسرع الموت فى شيوخهم، فجاء رؤساء القبط وقالوا أنت تذبح صغارهم، ويموت كبارهم، ويوشك أن يقع العمل علينا، فأمر بالذبح سنة والترك أخرى، فولد هارون سنة ترك الذبح، وموسى سنة الذبح.