الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } * { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَٰـنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }

{ ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ } قرآنا أو وحيا غيره فى هذه السورة أو غيرها { وَالمُؤْمِنُونَ } عطف على الرسول، فيكون المراد بقوله { كُلٌّ } كل من المؤمنين والرسول، فيدخل الرسول فى الإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل، ويدل لذلك قراءة على، وءامن المؤمنون، ولكن شهر أن آمن الرسول آيتان، ولزم على ذلك أنه ثلاث، ويجاب بأن الآيات توقيفية، ويقوى أيضا بأن عطفه على الرسول أعظم له، إذ تبعوه، ذكر فى صدر السورة الإيمان على طريق الخطاب بالكاف، أولئك على هدى من ربهم، وهنا بطريق الغيبة لأن حق الشهادة الباقية على مرور الدهور فى حياة المشهود له وبعد حياته ألا تكون بالخطاب، ولو جعلنا المؤمنون مبتدأ لم يدخل الرسول فى ذلك الإيمان المذكور فى قوله كل { ءَامَنَ بِاللهِ } أنه لا شريك له، وأنه منزه عن صفات الخلق { وَمَلَٰئِكَتِهِ } بأنهم موجودون، لا يعصون الله، وأنهم وسائط بين الله وخلقه بالكتب وسائر الوحى، كما ذكرهم، بين ذكر الله والكتب والرسل، كما قال { وَكُتُبِهِ } ولم يذكر اليوم الآخر لذكره فى قوله، لكن البر، والثوانى يختصر فيها، وأيضا هو مذكور فى قوله، وإليك المصير { وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ } قائلين لا نفرق { بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } فى الإيمان كما آمنت اليهود ببعض، وكفرت ببعض، وكذا النصارى، كقوله، نؤمن ببعض ونكفر ببعض، وأما فى الفضل فجائز، تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض، وصح إضافة بين إلى أحد بلا عطف على أحد مع أنها لا تضاف إلا لمتعدد، لأن معناه جماعة هنا، فإنه يستعمل لواحد فصاعدا، أو المذكر والمؤنث، أى لا نفرق بين جماعة من رسله، كقوله تعالى، فما منكم من أحد عنه حاجزين، أى من جماعة، وقوله: لستن كأحد من النساء. أى كجماعة، وإنما لم أقل بعموم أحد لأنه نكرة فى سياق النفى، لأنه لم يسمع الجمع فى سائر النكرات فى سياقه، فإنه لم يسمع لا نفرق بين رجل، ولا ما جاء رجل راكبون، وأيضا لم يتسلط النفى على أحد بالذات، بل بتوسط الإضافة مع أنه لم يتسلط أيضا على المضاف بالذات، بل على متعلقه، وعدم التفريق بين الرسل عدم تفريق بين الكتب أيضا فكفى عن ذكره، والعكس يصح أيضا، إلا أنه لم يعكس لأن الرسل أهل للكتب من حيث إنهم الجاءون بها والمدعون لها، ولا يجوز أن يقدر بين أحد وأحد { وَقَالُواْ سَمِعْنَا } ما قلت، سماع تدبر، ترتب عليه القبول { وَأَطَعْنَا } امتثلنا، ويقال، الطاعة أخص من السمع، لأنها القبول عن طوع، وينظر فيه بأن الطوع قد يكون إذعانا للقهر لا باختيار { غُفْرَانَكَ } أى اغفر لنا غفرانا، فناب غفرانا عن اغفر، وأضيف لضمير اغفر، أو نسألك غفرانك { رَبَّنَا } يتعلق بغفرانك { وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } المرجع بالبعث للجزاء، وهذا إقرار بالبعث، أغنى من أن يقول هناك ورسله واليوم الآخر، وأخره إلى هنا ليذكره عقب ما عليه الجزاء من السمع والطاعة، وعقب الغفران الذى يطهر يوم الجزاء والعلم عند الله، ولما نزل: { وإن تبدوا ما فى أنفسكم.

السابقالتالي
2 3 4