الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ للَّهِ ما فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ ٱللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ لِّلهِ مَا فِى السَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى الأَرْضِ } داخل فيهن أو خارج، سمة ملكه دليل على سعة علمه { وَإِن تُبْدُواْ } بقول أو فعل { مَا فِى أَنْفُسِكُمْ } قلوبكم { أَوْ تُخْفُوهُ } من سوء يفعل بالقلب كالكفر وبغض الإسلام وأهله والحسد والكبر وكتمان الشهادة وسائر المعاصى، أو يعزم على اعتقاده بعد، أو على فعله بالجوارح، والمراد بالإخفاء إبقاؤه غير مظهر، وليس المراد مجرد ما يخطر فى القلب لقوله { يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ } يخبركم الله بعدده وكيفيته يوم القيامة، وأنكرت المعتزلة والروافض الحساب، ويرد عليهم القرآن والسنة، وتأويلهم تكلف { فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ } المغفرة له، وهو من تاب { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } تعذيبه، وهو المصر، بخلاف ما يخطر بالبال، فإنه لا مغفرة معه ولا تعذيب به، لأنه ضرورى وغير ذنب، لا تكلف عليه، لأنه لا يطاق، لا يكلف الله نفسها إلا وسعها، بل لا عمل له فيه، فكيف يحاسب على ما لم يعمل، وإنما ذلك كإنسان يتكلم وأنت تسمع، بل تكره وتنهاه، وأن تكره الميل إليه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " إن الله عفا عن أمتى ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم " ، وإنما ذلك على كبيرة القلب، أو العزم على المعصية والتصميم عليها، لا على مجرد الخطور، ولا على ميل الطبع، وقد قيل، يكتب الاهتمام سيئة لا كبيرة. وقيل مجرد كبيرة لا نفس ما اهتم به. فإن هذا لأمم قبلنا، يهتم أحدهم بالزنا فيكتب عليه الزنا، وقال بعض الحنفية: لا عقاب عليه ما لم يظهره بالعمل، وأما ما هو كبيرة فى القلب تفعل فيه كما مر، فكفر فى نفسه، إذا فعلها فى نفسه كالفكر فى نفسه، وقدم المغفرة لسعة رحمته وسبقها على غضبه { وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } ودخل فى العموم المحاسبة والعذاب والمغفرة، قال ابن عباس فى الآية، يغفر لمن يشاء الذنب العظيم، ويعذب من يشاء على الذنب الحقير، لا يسأل عما يفعل.