الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ ٱللَّهِ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }

{ لَّيْسَ عَلَيْكَ } أيها النبى، أو مطلق المسلم { هُدَٰهُمْ } هدى المشركين إلى الإسلام بالقهر، بقطع النفقة عنهم، فهو هدى إيصال، بل عليك وعلى أصحابك البلاغ والحص على المحاسن، أو ليس عليك هدى هؤلاء المأمورين بالمحاسن، المنهيين عن المساوىء { وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ } هدايته، هداية إيصال إلى الإسلام، وأما هدى بيان فتعم كل مكلف، نزلت فى قوم من الأنصار لما أسلموا قطعوا النفقة عن أصهارهم وقرابتهم من اليهود ليسلموا، وكان المسلمون يتصدقون على فقراء أهل المدينة، ولما كثر المسلمون منع صلى الله عليه وسلم الصدقة على أهل الشرك ليدخلوا فى الإسلام، وقال: لا تصدقوا إلا على أهل دينكم، بفتح الدال والتاء، فنزلت الآية { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ } مال قليل أو كثير ولو على مشرك، ولا حظ لمشرك فى واجب كزكاة، ولا لحربى بعد نزول القتال ولو نفلا، ولا فى دينار الفراش وشاة الأعضاء، وزكاة الفطر، وأجاز أبو عبيدة الكفارة الصغيرة للذمى، وأجاز له أبو حنيفة زكاة الفطر والكفارات كلها والنذر، وكل صدقة ليس أمرها إلى الإمام وهو خطأ { فَلأَنْفُسِكُمْ } فثوابه لأنفسكم، فلا وجه لترك الإنفاق، أو الإيذاء، أو المن، أو الرياء، أو قصد الإنفاق من الخبيث { وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَآءَ وَجْهِ اللهِ } إعظامه، أو ثوابه، أى الأمر الحق ذلك، أو الحكم الشرعى ذلك، فذلك إخبار، أو بمعنى النهى، أى لا تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله، أو فلأنفسكم فى حال قصدكم بالإنفاق وجه الله، على أن الجملة حال، وهذا أولى، وذكر الوجه إعظام، ونص على نفى توهم الشركة، وأعطيتك لأبيك دون أعطيتك لوجه أبيك، فإن الوجه أشرف ما فى الإنسان، تعالى الله عنه، حتى إنه يعبر به عن الشرف، وقيل، وجه الله ذات الله سبحانه، وقيل، الوجه هنا بمعنى الرضى { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } يوف إليكم جزاؤه مضاعفا فى الآخرة، أو فيها وفى الدنيا، أو يوفى لكم فى الدنيا، لا ينقص، وإن شاء الله زاد، ويضاعف فى الآخرة، وذلك إجابة لقوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم عجل للمنفق خلفا " { وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } بنقص الثواب، أو إبطاله، أو الظلم نفس النقص.