الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ أَوْ كَالَّذَى } أو أرأيت مثل الذى، والكاف اسم، ولا تختص اسميتها عند القائل بها بدخول عن وحذف أرأيت لدلالة ألم تر، والاستفهام للإنكار، أى ما رأيت مثل الذى... الخ فتعجب منه، أو للتقرير، أى قد رأيته مثل الذى... الخ فتعجب منه، لأنه مثل التعجب، فالكاف مفعول به لرأيت محذوفا، أو معطوفا على الذى كأنه قيل: وإلى كالذى مر، إلا أن اسمية الكاف مختلف فيها، ودخول الجار عليها ينبغى أن يخص بعن، إذ هو الوارد، وأو للتخيير مع صحة الجمع، أو هى بمعنى الواو، والكاف لكثرة من ينكر البعث، أو يجهل كيفيته، بحلاف مدعى الربوبية، أو الكاف صلة، أى: أو أرأيت الذى، أو العطف على المعنى كما يقال له فى غير القرآن عطف توهم، كأنه قيل: أم رترد كالذى حاج، أو كالذى مر... الخ ولتقدم إبراهيم على الخضر وعزير لم يصح ما قيل من أنه عطف على إيت بها من المغرب، أى فأت بها من المغرب، أو أحى كإحياء الله الذى، فيكون إبراهيم قد تعرض لإبطال قوله أحيى وأميت، وكأنه قال: إن كنت تحيى فأحى مثل إحياء الله الذى { مَرَّ } هو عزير بن شرحيا، أو الخضر، أو إسحق بن بشر أو أرميا بن خلفيا من سبط هرون وقيل: أرميا هو الخضر، وقيل المار شعيا، وقيل غلام لوط، أو كافر بالبعث { عَلَى قَرْيَةٍ } قرية بيت المقدس إذ خربه بخت نصر، والقرية التى خرج منها الألوف حذر الموت، ولا يلزم فى اسم القرية أن تكون صغيرة قليلة الناس، ولا سيما أن الاشتقاق من القرآن وهو الجمع، لاجتماع الناس فيها، ولا حد للاجتماع، وقيل: دير سابراياد، وقيل دير هرقل، وقيل: المؤتفكة وقيل: قرية العتب على فرسخين من بيت المقدس، والأشهر الأول { وَهِىَ خَٰوِيَةٌ } على حذف مضاف، أى حيطانها خاوية، أى ساقطة { عَلَى عُرُوشِهَا } سقوفها الأوائل والثوانى، وما فوق ذلك إن تعددت، بأن يسقط السقف، ثم ينهد الجدار عليه، ولزم من ذلك أن أهلها غير موجودين فيها. إذ لا يكونون فيها مع ذلك ولا يتركونها بلا بناء لو لم يذهبوا عنها، إما بالخروج أو بالموت، أو ذلك كناية عن ذهاب أهلها، سواء أسقطت أم لم تسقط، لجواز ألا يوجد معنى ما وضع له اللفظ فى الكناية وعلى متعلق بخاوية كما رأيت، ويجوز تعليقها بمحذوف، أى خاوية عن أهلها، ثابتة على عرشها لم تسقط، فهو خبر ثان، والجملة حال من ضمير مر { قَالَ أَنَّىٰ } كيف أو متى { يُحْيِى هَذِهِ } أى القرية، أى أهلها، أو سمى أهلها بلفظ هذه، أو إحياؤها مجاز عن عمارتها بإحياء أهلها، أو الإشارة إلى العظام البالية { اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } موت أهلها، أو بعد خرابها، سماه موتاً مجازاً، وذلك استعظام من القائل لقدرة الله، إن كان مسلماً كالخضر وعزير، واستبعاد وإنكار إلى إن كان كافرا، أو استبعاد ولو كان مسلما عن طريق العادة، كقوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4