الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }

{ الطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ } واحدة بعد أخرى أو دفعة، ولو خالف السنة فى الدفعة، فالآية على أن الطلاق لا يكون أكثر من ثلاثة، لا فى بيان الأفضل، وإن كان فيه فمرتان، من تثنية التكثير كلبيك وكرتين، وعلمتك الكتاب باباً باباً، فالمعنى مرة مرة بلا نهاية، لكن لكل زوج اثنتان، وتثلثة فقط، والثالثة فى قوله { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } دون ضرر { أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ } ومعلوم أن الإمساك بعد الطلاق إنما هو بالمراجعة، فإذا راجعها بعد التطليقتين فعليه أن يمسكها بمعروف أو يطلقها الثالثة بإحسان، فلا يراجعها بعد، ولا يتزوجها حتى تنكح زوجاً غيره، كأن الرجل إذا طلق وراج قبل تمام المدة فله ذلك ولو آنفا، مقصد رجل ذلك. إذا شارفت التمام راجع، فقال: والله، لا آويك ولا تخلين أبداً، فأنزل الله تعالى ذلك روى أبو داود وابن أبى حاتم والدارقطنى عن أنس، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين الثالثة؟ فقال: أو تسريح بإحسان، قال الحسن بن على لزوجه: أنت طالق ثلاثاً، وندم، فقال: لولا أبى سمعت جدى، أو حدثنى أبى عن جدى، أيما رجل طلق امرأته ثلاثاً عند الإفراد أو ثلاثاً مبهمة يعنى بالإبهام أنها بلفظ واحد لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره لمراجعتها، والثالثة بمرة واثنتان بمرة بدعة عندنا وعند أبى حنيفة خلافا للشافى، مستدلا بحديث العجلانى الذى لاعن امرأته، فطلقها ثلاثاً بمرة بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه، قلنا، لا دليل على تأخره عن نزول الآية، فلعلها ناسخة له، وأيضا يضعفه أنه لا طلاق بعد لعان، ولو كان هذا لا ينهض حجة، روى ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن طلاق السنة أن تستقبل الطهر استقبالا، فتطلقها لكل قرء تطليقة " ، وإن طلق اثنتين بلفظين، أو ثلاثة ألفاظ قبل الدخول عدت واحدة، إذ لا عدة عليها، تدركها أخرى فيها، وإن قال تطليقتين طلقتك، أو ثلاثا طلقتك، أو طلقت تطليقتين زوجى، أو فلانة، أو طلقت ثلاثا زوجى أو فلانة وقع الاثنتان أو الثلاث ولو قيل الدخول، وإن أخر تطليقتين أو ثلاثا عن فلانة أو عن زوجى، وقدم الطلاق فواحدة. وعن أبى هريرة وابن عباس: اثنتان أو ثلاث، كأنهما راعيا نيته حين تلفظ بلفظ الطلاق، وله وجه، والنية لها، وقع فى الحكم، طلق ركانة زوجه ألبتة، وقال، والله ما أردت إلا واحدة، فقال صلى الله عليه وسلم: والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال: والله ما أردت إلا واحدة. قال: هو ما أردت، فردها، فدخل بالمعروف حسن العشرة وأداء حقوق الزوجية، وبالإحسان كون الطلاق فى الطهر قبل المس، وكونه واحداً أو اثنتين أو ثلاثا بتفريق وجبر قبلها بمال نفلا، وإيصال الصداق وعدم ذكرها بسوء فيها، وعدم تنفير الناس عنها، بل يذكر ما فيها من خير بلا غش بما فيها من سوء، والتسريح عبارة عن أن يقول: طلقتك، أو أنت طالق، وشهر أن التسريح طلاق إذا قال سرحتك وأراد الطلاق، فهو واقع، وهو الصحيح { وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ } أيها الأزواج { أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً } من الصداق بطلبكم الافتداء أو بدونه { إِلاَّ أَنْ يَخَافَآ } أى إلا أن يخاف الزوجان منكمن معشر الأزواج، أى ظنا، أو على ظاهره، والاستثناء مفرغ، أى فى وقت ما إلا خوفهما، أى إلا وقت خوفهما، أو لسبب ما إلا لخوفهما، أو متقطع، أى لكن خوفهما.

السابقالتالي
2 3