الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ وَالْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوءٍ } أطهار أو حيض، إلا إن لم تمس فلا عدة عليها، وإلا التى لم تبلغ والآيسة فثلاثة أشهر، وإلا الأمة فحيضتان، وإن أيست، أو لم تبلغ خسمة وأربعين يوما، وإلا الحامل فعدتها الوضع، وذلك للقرآن؛ إلا الأمة فبالسنة، والجملة إخبار لفظا ومعنى، أى الشرع تربصهن، وأجاز بعض كون الاسمية بمعنى الأمر، وبعض الإخبار عن المبتدأ بالطلب بل هو كثير، فيتربصن أمر معنى، أو مع المطلقات، وفى كونها أمراً مبالغة، بإخراجه مخرج الخبر، حتى لا يخالف فيكو كالكذب، وبكونه كأنه امتثل فأخبر به، وقال: يتربصن لأن نفوس النساء إلى الرجال مائلات أضعاف ما يميلون إليهن، إلا أنهن يكتمن، والواحد قرء بضم القاف أو فتحها وإسكان الرا، وهو الحيض، لقوله صلى الله عليه وسلم: " دعى الصلاة أيام أقرائك " ، رواه أبو داود والنسائى عن عائشة، رضى الله عنها أو الطهر، لقوله تعالى: { فطلقوهن لعدتهن } ، إذ لا يشرع الطلاق فى الحيض، أى عند عدتهن فثلاثة قروء عبارة عن لقوله تعالى: { فطلقوهن لعدتهن } ، فينتج أن القرء طهر، وأجيب أن المعنى طلقوهن مستقبلات لعدتهن وهى الحيض الثلاثة، والقرينة حديث طلاق الأمة تطليقتين، وعدتها حيضتان، وحديث، دعى الصلاة أيام أقرائك، وبأن مدار استبراء الرحم الحيض لا الطهر، فإن الانتقال من الحيض إلى الطهر يدل على انسداد فم الرحم، وهو مظنة العلوق، فإذا جاء بعده الحيض علم عدم انسداده، وليست اللام للتوقيت، وبأن بعض الطهر ليس طهراً، وإلا كفى من الطهر الثالث أيضا جزء فإن لم يحسب الطهر الذى طلق فيه لزم ثلاثة أطهار وبعض طهر، وإن حسب فطهران وبعض طهر، والشافعى يقول بطهرين وبعض الطهر الذى طلق فيه، ولا يرد على غير مذهبه أن الحيضة التى وقع فيهما الطلاق إن اعتبرت حيضة كانت ثلاث حيض وبعض حيضة، لأنا نقول بحب الحيضة الرابعة تامة، لأن الحيضة الواحدة لا تقبل التجزؤ، فلزم مضى البعض الذى وقع فيه الطلاق ضرورة لا باعتبار أنه مما وجب بالعدة، والكلام فى العدة التى تعقب الطلاق، لا فى التى وقع فيها الطلاق، وحديث البخارى ومسلم فى قصة ابن عمر مرة فليراجعها... الخ الذى رجحوه فى الثانى لا فى الأول، واختار القروء على الأقراء لكثرتهن بكثرة المطلقات { وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ } لتفويت الرحمة وإلحق الولد بغير الأب { مَا خَلَقَ اللهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ } من الحيض والولد، ووجه كون الحيض فى الرحم، أنه يجتمع فيها الدم ثم يخرج، ولا يخفى أن المطلقات المذكورات ذوات قروء، لقوله: ثلاثة قروء، فكيف يكون الولد فى أرحامهن فنقول: إذا كتمن الحمل حكمنا بأنهن من ذوات القروء أو الضمائر للمطلقات مطلقا فى ضمن المقيد، كالاستخدام البديعى، وفى الوجهين بعد، فإن قلنا ما فى أرحامهن من الحيض والحمل معا، وتحريم الكتم عليهن إيجاب للعمل بما قلن إن لم يتبين كذبه ينظر الأمينات، فهن مؤتمنات، وإلا كان حرج عظيم، فيتعلق بقولهن ما بعلق إلى حيض من تحريم وطء، وما يحرم بالوطء وغير ذلك كعتق وعدم طلاق، وفى الأثر، سئل عزان بن الصقر رحمه الله عن المطلقة إذا ادعت أنها حامل، قال: تنظر إليها الأمينات نسوة، فإن قلن إنها حامل فلها النفقة ولو كان الطلاق ثلاثا أو بائنا، وإن لم يقلن إنها حامل فلا نفقة لها بعد العدة، ولها النفقة فى عدة غير الثلاث والبائن، وإن وضعته فى وقت يحكم عليه فيه بالولد وقد طلبت النفقة ولم يعط فعليه أن يعطيها نفقتا منذ طلقها، وإن اشتبه على النساء فلم يقلن إنها حامل ولا غير حامل فطلبت هى النفقة وقالت إنى حامل فلها النفقة إلى سنتين، فإن جاءت بولد فى السنتين فالولد له ولا ترد له النفقة وإن جاءت بالولد بعد السنتين فالولد لها وترد عليه النفقة، وإن لم تلده، وقالت فسد فى بطنى فلا نفقة لها بعد السنتين، ولا يرجع عليها بما أنفق عليها، لأنه يمكن أن يكون كما قالت، وليس كما قال بعض: إن الآية شاملة للبكورة الثيوبة وعيب الفرج فتصدق فى ذلك، لأنا نقول: ذلك مما ينكشف للأمينات فينظرن، أهى بكر أم ثيب، ويمسسن، وكذا ما أمكن، { إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } أو لم يؤمن، لأن الكافر مخاطب بالفروع، وإنما ذكر الإيمان إشارة إلى أن الكتم ينافيه، وإلى أنه لا يجترىء عليه من آمن، وإلا كان منافقا، وأنه من اجترأ عليه فكأنه غير مؤمن { وَبُعُولَتُهُنَّ } أزواجهن المطلقون، جمع بعل، شذوذاً، أو مصدر، أى أهل بعولتهن، أى نكاحهن، يقال، باعلها: أى جامعها، والأول أولى { أَحَقُّ } أى أحقاء، فهو خارج عن التفضيل، إذ لا حق لها ولا لغيرها من الرجال فى الرجعة، أو باق عليه، أى أحق ما يمكن فعلهم الرحمن دون الفرقة، أو هم أحق بالرجعة من المرأة فى طلب الفرقة، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3