الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ }

{ وَيَسْئَلُونَكَ } كانت الأسئلة الثلاثة بالعطف لوقوعهن فى وقت واحد فى العرف، وهو وقت السؤال عن الخمر والميسر، وغير الثلاثة بلا عطف، لوقوع كل فى وقت غير الآخر، فكل واحد منقطع عما قبله بالوقت مستأنف { عَنِ الْمَحِيضِ } عن الحيض، مصدر ميمى شذوذا، والقياس محاض، وقيل قياسا، لوروده كالمجىء والمبيت، أو زمان الحيض أو مكانه، وهو الفرج، قياساً، أو نفس الدم، وقيل، إذا كان الفعل يائى العين كسر مفعل منه مكاناً أو زماناً، وفتح مصدرا، وقيل بجواز الفتح والكسر فى الثلاثة، أو يسألونك عن ذوات المحيض، أو عن الحائضات مجازا، أو نفس ذلك الدم، وما يفعلون معهن زمانه وفى الفرج { قُلْ هُوَ } أى الحيض الذى ذكره بلفظ المحيض، أو بتقدير ذوات، أو الحيض المعلوم من لفظ المحيض بالمعانى الأخرى { أَذًى } أو الدم المعبر عنه بالمحيض ذو أذى، وذلك مضر لمن يقربه، أو هو نفس الضر مبالغة، أو الأذى الخبث، شبه بما يؤذى لجامع الكراهية، روى مسلم والترمذى عن أنس، " أن اليهود وبعض المسلمين كانوا إذا حاضت المرأة عندهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها فى البيوت، أى لم يساكنوها، فسأل الصحابة، أى أبو الدحداح ومن معه، النبى صلى الله عليه وسلم، فنزلت فقال صلى الله عليه وسلم، افعلوا كل شىء إلا النكاح " ، وكذلك كانت الجاهلية والمجوس والمسلمون فى المدينة. قبل نزول الآية { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِى الْمَحِيضِ } أى جماعهن فى زمان الحيض، أو موضع الحيض، وهو الفجر فقط، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما أمرتم بعزل الفروج، ويجوز بين السرة والركبة، ويكره ما يدعو للفرج، فقوله صلى الله عليه وسلم: يحل من الحائض ما فوق الإزار، وقوله جامع زوجتك فوق الإزار، وقوله لسائله، لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها، تحذير وسد للذريعة، بدليل قوله: إنما أمرتم بعزل الفروج وبدليل الآية فإن المراد فيها النهى عن الجماع المعتاد، فغير المعتاد مما لم يرد تحريمه جائز، وهو جماعها فى غير القبل وغير الدبر فجاز، ولو فى فمها، ومنع بعض جماعها فى فمها قياسا على الدبر، وبعض منع الإمناء فيه، والتحقيق الجواز لأنه فوق الإزار، وحرم بعض ما بين السرة والركبة للأحاديث، وقد علمت أن المراد بها التحذير من مواقعة الفرج لا التحريم، وجماع الحائض فى القبل يورث الجذام للولد، كما فى الخبر، { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ } للجماع، وهو مؤكد لما قبله، قد يحمل الإنسان مشقة عن لذة يسيرة فأمروا بالاعتزال أولا، ونهوا عن القرب ثانيا، فجمع بين الأمر والنهى تأكيدا، والنهى عن القرب إلى الفعل أقوى من النهى عن الفعل، وما يؤدى إلى الجماع فى الفرج قرب، غير أن الشرع أجاز الوطء فى غير الفم، وقد بان لك ألا تقربوهن ليس نفس اعتزلوا.

السابقالتالي
2