الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ } بدل اشتمال { فِيهِ } عن قتال فى الشهر الحرام رجب أمر سرية فى جمادى الأخيرة قبل بدر شهرين ليرصدوا عيراً لقريش فى بطن نخلة، فيها عمرو بن عبدالله بن عباد الحضرمى، وهو أول قتيل من المشركين قتله المسلمون، وكذا الأسر والغنم، وهم ثلاثة فقتلوه وأسروا اثنين عثمان بن عبدالله، والحكم بن كيسان، وهرب واحد نوفل بن عبدالله، واستاقوا العير وفيها تجارة الطائف، وفيها زبيب وأدم لأهل الطائف، وغير ذلك لقريش، وعلى السرية ابن عمته صلى الله عليه وسلم عبدالله بن جحش، وقد كتب له كتاباً وقال له، لا تنظر فيه إلا بعد سير يومين فنظر بعدهما، وفيه لا تكره أصحابك على السير، وهم ثمانية رجال، منهم وافد بن عبدالله أشرف على أصحاب العير، وقد حلق رأسه، فقال بعض لبعض: هم عمار لا بأس منهم، فقالت كفار قريش: استحل محمد الشهر الحرام، شهراً يتفرق فيه النسا لمعايشهم ويأمنون فيه، فشق ذلك على عبدالله ابن جحش ومن معه من السرية، وقالوا لا نبرح حتى تنزل توبتنا ورد صلى الله عليه وسلم العير بأحمالها والأسيرين بالغوا لأنهم أبرار، وعدوا الخطأ كذنب، أو قبل أن يعرفوا أن الخطأ والنسيان معفو عنهما ظنوا أنهم فى آخر جمادى، وهم فى أول رجب، وعن ابن عباس أخذ الغنيمة والأسيرين ولم يردهم، وأنهم أول غنيمة، ويجمع بأنه ردها بمعنى أوقفها ولم يقبلها الوحى، ولا ضعف فى هذا، والسائلون أصحاب السرية سؤال تحرج وتوبة لعلمهم بحرمة القتال فى الشهر الحرام كما قالوا حتى تنزل توبتنا، وقيل السائلون المشركون سؤال جدال، وعيروا من فى مكة من المسلمين ونسبوا لك للنبى صلى الله عليه وسلم ولم يحضر لأنهم قومه ومتبعوه { قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } أى القتال فيه هو أمر كبير إذا فعل عمدا، والسرية لم تقاتل عمدا، وهو حرام من لدن إبراهيم صلى الله عليه وسلم، والمذهب أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا، والذى عندى أنه شرع لنا، وأنه يقدم على الاجتهاد ما لم ينافه القرآن أو الحديث. أو الإِجماع بدليل راجح، ولا خلاف فى أنه ليس شرعا لنا إذا صرح فى ذلك بخلافه ولا يصح أن شيئاً شرع لمن قبلنا إلا إن ذكر عنهم فى القرآن أو الحديث أو الإجماع، أو رواه ثقة أسلم منهم كعبدالله بن سلام، وقد قيل إن تحريم القتال فى الأشهر الحرم منسوخ بقوله تعالى، فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، ولو كان عمومه فى المكان لما قيل إن عموم الأمكنة قرينة عمومه الأزمنة، ولأن الإيجاب المطلق يرفع التحريم المقيد والنسخ مذهب الأكثر وقد قيل إن الأشهر الحرم فى تلك السنة لا فى السنين بعدها، وقال عطاء: لا نسخ فى ذلك لكن إن قاتلك فقاتله، وقيل نسخت هذه الآية، ولو كان قتال نكرة فى الإثبات كقوله تعالى

السابقالتالي
2 3