الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ }

{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ } بمجرد الإيمان دون لقاء شد كشدة حفر الخندق ولغزوة الأحزاب والجوع فيها والخوف والبرد، وشدة حرب أحد قبلها، وشدة مفارقة الأهل والمال الوطن عند الهجرة والحاجة، نزلت فى غزوة الخندق، وكأنه أشير لهم بأنها آخر شدة تقصدون وتضطرون إليها، وإن نزلت حين الهجرة فالآية إشارة إلى أنهم يسيصابون، ثم أصيبوا مع شدقا لهجرة بأحد والخندق، وترك أموالهم بمكة وديارهم، وإظهار الهيود العدواة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإسرار قوم النفاق، والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، أولهم، وعلى الأول عد ضيق صدره الشريف بمنزلة حسبان دخول الجنة بدون مكاره، بل قبل الهجرة، يأتونه صلى الله عليه وسلم ما بين مضروب ومشجوج ويقولون ألا تدعو لنا فيقول اصبروا، فإنى لم أومر بالقتال، وقد ينشر الرجل ممن كان قبلكم من رأسه إلى ما بين فخذيه ويمشط بأمشاط الحديد ما رد عظمه، ولا يرده ذلك عن الإِيمان كما قال { وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوُاْ مِن قَبْلِكُم } والحال أنه لم يأتكم صفة من قبلكم، أى صفة كصفتهم مما يكره، وقال والله ليتمن هذا الأمر حتى يصبر الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون، وأم بمعنى بل، وهمزة إنكار لياقة الحسبان، وفى لما ترقب وقوع ذلك والتصيير لما فى حالهم منه، وهى كالمثل المضروب فى الغرابة وذكرها بقوله { مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ } الفقر الشديد { وَالْضَّرَّاءُ } المرض والقتل { وَزُلْزِلُواْ } أزعجوا بالشدائد { حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ } جنس الرسول، فيشمل رسلا كثيرة، كأنكم فى حال قول الرسل بتقدمكم إليهم أو تأخرهم، ولو اعتبر تأخرهم عن زمان النزول لنصب، وزعم بعض أن المراد اليسع وبعض أشيعاء وبعض شيعاء فالقائلون متى نصر الله أقوام هؤلاء الأنبياء { وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ } هم الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا، أو الذين آمنوا، أولو التقدم فى أمر الدين { مَتَى نَصْرُ اللهِ } استفهام استبطاء ولا شك، لما وعدهم الله من النصر، فأجابهم بطريق الإسعاف فى التعجيل بقوله { أَلآ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ } فاصبروا يوافكم مأجورين، أى قلنا، أو قال، أو قيل لهم، وعلى الأوجه الثلاثة القائل الله، كقوله تعالى:وإن الله على نصرهم لقدير } [الحج: 39] لا كما قيل إن هذا من قول الرسول والذين آمنوا وما قبله من قول العامة، ولا من قول الذين آمنوا، ومتى نصر الله من قول الرسول، ولا من قول الذين آمنوا وإلى أن نصر الله قريب من كلام الرسول كما قيل.