الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ }

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبْكَ قَوْلُهُ فِى الْحَيَٰوةِ الدُّنْيَا } أى يعجبك ما ينطق به فى شأن أمور الدنيا من حرب، وصلح، وكسب، وعفو، أو لأجل الدنيا، بأن يظهر الإيمان والحب ليتوصل إلى ما يحب من لذات الدنيا، أو يعجبك فى الدنيا كلامه حلاوة وفصاحة، وأما فى الآخرة فلا كلام له ألبتة تارة، ولا يؤذن لهم، فيعتذرون وإذا تكلموا تارة فكلام دهشة لا فصاحة، ولا يعجبك فى الآخرة لأنه لا نفع له به، والخطاب له صلى الله عليه وسلم، أو لمن يصلح له مطلقا، ومثل ذلك قوله تعالى عز وجلوَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } [المنافقون: 4] ويعجبك الخ. يحدث قوله فى قلبك عجبا، والعجب حيرة تعرض بسبب الجهل بما تعجب منه وقد يستعمل العجب فى حيرة تعرض مع العلم بالسبب، والعجب هنا عبارة عما يلزم من عظمة الإنسان فى قلب غيره، وفى متعلق بيعجبك أو بقوله على ما رأيت، من التفسير { وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِى قَلْبِهِ } يستشهده أو يجعله شاهداً على أن قلبه مواطىء لقوله فى الإيمان وهو كاذب فى دعواه { وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } شديد الخصومة وهو صفة مشبهة فيما قيل، وشهر، واحتج له بورود مؤنثه على فعلاء كحمراء إن صح، والراجح أنه اسم تفضيل باق أو خارج عنه، لأن الصفة المشبهة التى على وزن أفعل تختص بالألوان والعيوب ونحوها، ولا يصح أن يقال فى أعلم وأفضل إنهما صفتان مشبهتان، وهو قول الخليل والزجاج، وإضافة اسم التفضيل لفاعله معنى جائزة، ويجوز تقدير، وهو ألد ذوى الخصام، أو خصامه ألد الخصام، أو الضمير للخصام، وهو ضعيف، أو الخصام جمع خصام كصعب وصعاب، أى أشد من كل من يخاصم، وهو يخاصم المسلمين خصاماً شديداً أعظم من يخاصمهم فى الخصام، والشديد الخصام أو صاحبه، فيقدر فى، أى ألد الخصام، والآية فى المنافقين كقوله تعالى:وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } [المنافقون: 4] وكانوا حسنى المنظر، والكلام فى الإسلام والتحبب إلى أهله، فذكر الله حسن كلامهم وحسن أجسادهم هنالك، والإفراد للجنس، ولفظ من، والمشهور الأخنس بن شريق وكان منهم كذلك، وزعم بعضهم أنه أسلم عام الفتح وحسن إسلامه، ويعارضه قوله فحسبه جهنم، واسمه أُبىّ، ولقب الأخنس، لأنه خنس بقومه أى تأخر عنه صلى الله عليه وسلم بثلاثمائة رجل بعد خروجهم لبدر، وقال إن كان غالبا فهو ابن أختكم وأنتم أسعد به، وإن غلب كفيتموه، وكان يحلف بالله أنه مؤمن محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المدينة وأظهر له الإسلام، وأعجب النبى صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وقال إنما جئت أريد الإسلام والله تعالى يعلم أنى لصادق، فكان صلى الله عليه وسلم يدينه إليه فى المجلس فكذبه الله وفضحه.