الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } متعلق بالصيام أى كتب عليكم الصيام فى أيام معدودات، أى كتب عليكم أن تصوموا فى أيام معدودات، ولا بأس بالفصل لقلته وظهور المعنى، وهو أولى من الحذف ومن كل ما هو خلاف الأصل، أو يقدر صوموا أياماً معدودات لدليل الصيام، وفيه السلامة من الفصل بلعلكم تتقون، وبأجنبى، وهو كما كتب، إلا أنهم يتوسعون فى الفصل بالظروف ومنها كما كتب سواء جعلناها مصدرية أو كافة، ووصفها معدودات تقليلا لها أى هى دون أربعين، على ما قيل من أن المعتاد إذا ذكر لفظ العدد فالمراد المعنى أياما مضبوطة بالعد، لا مجازفا بها، وكل من أيام أو معدودات جمع قلة، فلو شاء لقال أياما معدودة، وفى ذلك تسهيل، أو لعلكم تتقون المكاره والمعاصى والكسل فى أيام معدودات، أو يتعلق بضمير كتب الثانى لعوده للصيام عند الكوفيين، أى كما كتب على الذين من قبلكم أن يصوموا أياماً معدودات أو يكتب الأول أو الثانى لتضمنه معنى صوموا، أو المعنى كتب عليكم الصيامة كتابة شبيهة بكتابته على من قبلكم فى كونه فى أيام معدودات، وقيل الأيام المعدودات يوما عاشوراء، وثلاثة من كل شهر، ثم وجب رمضان دونهن، وقيل لم يفرض قبله صوم، وقيل فرض قبله عاشوراء، وقيل أيام البيض، ولا يقال لو أريد بهن رمضان لكان ذكر المريض والمسافر تكراراً، لأنا نقول وجب الصوم على التغيير بينه وبين الفدية، ثم وجب بلا تخيير فيه، على أن رخصة السفر والمرض باقية، وأيضاً المسافر والمريض ممن شهد الشهر { فَمَن كَانَ مِنْكُمْ } معشر البالغين العقلاء الداخل عليهم رمضان { مَرِيضاً } مرضاً يشق معه الصوم بعض مشقة، أو يضره أو يتأخر معه برؤه، أو يزيد به المرض، وذلك بالتجربة أو بإخبار الطبيب المسلم الحاذق، لقوله تعالى:يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } [البقرة: 185] فإذا كان الصوم يعسر مع مرض حل الإفطار، لا كما قيل عن ابن سيرين إنه أفطر لوجع أصبعه، ولا كما قال الشافعى لا يفطر حتى يجهده الجهد الذى لا يحتمل، وروى عن مالك أنه يفطر صاحب الرمد الشديد أو الصداع المضر وليس به مرض يضجعه إن شاء، واحتج من أباح الإفطار بالمرض ولو لم يعسر ولم تكن فيه مشقة بإطلاق الآية، وهو رواية عن الشافعى، وهو قول ابن سيرين، والحسن البصرى، وبأن السفر قد يخلو عن مشقة، وحل الإفطار فيه ولو بلا مشقة، لأنه سبب لهما، ويجاب بأن الرخصة لم تتعلق بنفس المرض، لتنوعه إلى ما يزاد بالصوم، وإلى ما يخفف به، لا يكون مرخصاً ألبتة، فجعل ما يزاد به مرخصاً بخلاف السفر، لأنه لا يعرى عن المشقة، فجعل نفسه عذارً { أَوْ عَلَى سَفَرٍ } ثابتاً أو راكباً على سفر ولو قصيراً، بعد مجاوزة الفرسخين مما استوطنه ولو لم يجاوز الحوزة على التحقيق، إن جاوزهما ليلا فبيت الإفطار من الليل، أو جاوزهما نهاراً، فإذا جاء الليل بيت الإفطار أو صام يوماً فى السفر، فإذا جاء الليل بيت الإفطار، وإن أفطر نهاراً قبل المجاوزة أو بعدها نهاراً.

السابقالتالي
2 3