الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

{ يَٰأَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلَٰلاً } غير محرم كمغصوب، ومسروق، وخمر، وميتة، وما أخذ فى قمار. أو زنا، أو كهانة أو فى معصية ونحو ذلك من المحرمات { طَيِّباً } نعت مؤكد، لأن الحلال، مستلذا أو غير مستلذ. فالآية نزلت ردا على من حرم البحيرة والسائبة، والوصيلة والحامى، من المشركين، وعلى قوم من ثقيف، ومن بنى عامر بن صعصعة وخزاعة، وبنى مدلج، إذ حرموا على أنفسهم التمر والأقط، ويضعف لقوله تعالى:وَأَن تَقُولُواْ } [البقرة: 169] الخ أن يكون ذلك ردا على من عزم من المسلمين، على أن لا يأكل لذيذا، أو لا يلبس لباسا رفيعا، وعلى عبدالله بن سلام وأضرابه حين أراد تحريم لحم البعير كما فى دين اليهود قبل أن يسلم، وإن كان بعد الإسلام فنزلت تاب منها، كما استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى ليلا النفل بالتوراة، فزجره فازدجر، ونزل أيضاً فى تحريم اللذائذ قوله تعالى،يَٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ اللهُ لَكُم } [المائدة: 87]،وَالطَّيِّبَٰتِ مِنَ الرِّزْقِ } [الأعراف: 32]، وسمى الحلال حلالا لانحلال عقدة الحظر عنه، والأمر للإباحة، أى أبحث لكم السائبة ونحوها واللذائذ، ولم أحرمها عليكم قط، ولن أحرمها أبداً، أو للوجوب على معنى اعتقدوا حل أكل ما لم يحرمه الله، ويجب الأك لقوام الجسد، ويستحب ولو فوق الشبع إذا كان مؤانسة للضيف، أو لعقا للقصعة، أو للأَصابع، أو أكلا لما يسقط من الطعام، وكذا الشرب من زمزم فوق الرى مستحب، وقد استدل بعض بالآية على تحريم الأكل فوق الشبع، لأنه ليس طيبا فى الشهوة المستقيمة { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيَطَٰنِ } طرقه من تحريم السائبة واللذيذ ونحوهما، لما كان يأمر بها، جعلت كأنها طرق يمشى فيها، ولما كانت الطرق محلا للخطو سميت باسم الخطوات. أو لما كان الأمر بتلك المحرمات أمراً بالكون عليها، الشبيه باخلطو، أطلق على الذى يأمر به وهو الشيطان أنه يمشى فيها { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ } ظاهر العدواة لأهل البصائر وأما الغواة فهو وليهم يتبعونه، ولو ظهرت لهم منه مضرة، كقوله تعالىأولياؤهم الطاغوت } [البقرة: 257] وقيل أولياؤهم أعداء كما يقال تحيتهم ضرب وجيع وتحيتهم السيف، والجملة تعليل فلا يليق جعله من أبان بمعنى أظهر.