الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَـٰنَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }

{ وَقَالُوا } عطف على منع، أى ومن أظلم ممن منع وسعى، وقالوا، أى وممن قالوا { اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً } قالت العرب وبعض النصارى، الملائكة والجن بنات الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله، وقالت اليهود عزير ابن الله. ومن قال بالأبوة والنبوة بمعنى الرحمة لم يجز له ذلك، لأن لفظ الكفر كفر، ولم لم يعتقد ظاهره، وإن صح أن عيسى قال بذلك على معنى الرحمن فقد قيل به على ظاهره بعده، فيكون لفظ الشرك بحكم الشرع قطعاً لمادة الشرك، وقد كان بعض بربر الغرب يقولون للرحمن باب، فقال بعض علماء المغرب:
يَقُولُونَ لِلرَّحْمَنِ بَابٌ بِجَهْلِهِمْ   وَمَنْ قَالَ لِلرَّحْمَنِ بَابٌ فقَدْ كَفَرْ
وأجاب بعض بأنه لا كفر، إذ لم يقصدوا الإشراك، ومن قاله ولم يرد الإشراك فليس شركا لكن ينهى عن قوله { سُبْحَٰنَهُ } نزهوه أيها المؤمنون عن الولد تنزيها، لأن الوالد له جهات وحدوث وفناء فيخلفه ولده، والله بخلاف ذلك { بَلْ لَّهُ مَا فِي السَّمَٰوٰتِ وَالأَرْضِ } من غير العقلاء، ولفظ ما هنا للأنواع، والأنواع غير عاقلة، وإنما العاقل بعض الأفراد، والمملوك والمخلوق لا يكونان ولدا ومخلوقا للخالق والمالك { كُلٌّ } مما فى السماوات والأرض، عليهما وما فيهما من أجزاء { لَّهُ قَٰنِتُونَ } عابدون عبادة يعلمها الله، أو منقادون لما أراد الله، ومن زعموه ولدا فقد أذعن للعبودية لله، وهم ممن فى السماوات والأرض فليسوا بأولاد، الآية تناسب حديث: من ملك ذا رحم، أى وكان محرما، عتق عليه، وجمع السلامة للمذكر تغليل، وتلويح بأن الجمادات وغيرها كالعقلاء فى الانقياد، أو لأن الله خلق تمييزاً للجمادات يتعبدون به، أو جمع سلامة للمذكر تغليب للعقلاء الذكور.