الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }

{ أمْ } بل أتريدون، وهو إضراب انتقال عن قصة، لا إبطال { تُرِيدُونَ } يا معشر العرب، وغيرهم كاليهود { تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ } أعلمهم أنه رسول للعرب واليهود وغيرهم، أما العرب فسألوه، أن يوسع أرض مكة بإذهاب الجبال عنها للحرث والنزهة، وأن يجعل الصفا ذهباً، ويبعث قُصَيّاً يخبرهم أنه نبى، قال السدى: وأن يروا الله جهرة، قال: نعم، على أنه لكم كالمائدة لبنى إسرائيل فقال ابن أبى العالية، أن تكون كفارانا ككفارات بنى إسرائيل، فقال: كفاراتكم خير، الاستغفار، والصلوات، والجمعة، وكفاراتهم خزى، فإن لم يكفروها نفى الآخرة، ومن ذلك قول رافع بن خزيمة، إن كنت رسولا فليكلمنا الله لنسمع كلامه، وقال عبدالله بن أمية المخزومى فى رهط من قريش: ما أومن بك حتى تفجر: إلى قوله: نقرؤه، وقال بقية الرهط، فائتنا بكتاب جملة مكتوب كالتوراة، وأما اليهود فسألوه، أن يأتى بالكتاب جملة كالتوراة، وأن يأتى بالله والملائكة قبيلا، ونحو ذلك { كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ } سأله اليهود أن يريهم الله جهرة، وأن يجعل لهم إلهاً كما جعل قوم لأنفسهم آلهة، ونحو ذلك { وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَٰنِ } يأخذ الشرك والكبائر بدل التوحيد، والإيمان بترك التفكر فيما أنزل الله، وطلب آيات أخر تعنتاً { فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءً } أى عن سواء، أو أخطأ سواء { السَّبِيل } أى السبيل السواء، أى المعتدل، وهو الحق، قيل قوله { ومن يتبدل الكفر بالإيمان }. إلخ يدل على أن الخطاب فى قوله تعالى: ألم تعلم، وما لكم، وأم تريدون للمؤمنين، لأن هذا لا يصح إلا فى المؤمنين، لأنهم آمنوا، فنهوا أن يبدلوه بالكفر، قلت: لا يتعين هذا، لجواز أن يكون معنى التبدل إعراض الكفرة عن التوحيد والإيمان، واستدل على أن الخطاب فى ذلك كله للمؤمنين، بأن قوله { أم تريدون } عطف علىلا تقولوا راعنا } [البقرة: 104] قلت: لا يتعين لجواز أن تكون أم حرف ابتداء للإضراب كما مر، ولا داعى إلى تقدير، أتفعلون ما أمرتم من السمع، وقول، انظرنا، أم تريدون، واستدل على أن الخطاب للمؤمنين بأنهم كانوا يسألونه صلى الله عليه وسلم عما لا خير فيه، كما سأل اليهود موسى عليه السلام، كما روى أنهم قالوا، اجعل لنا ذات أنواط، كما أن للمشركين ذات أنواط، شجرة يعبدونها، ويعلقون عليها سلاحهم ومأكولهم ومشروبهم، إلا أنهم لم يريدوا أن يعبدوها، فقال: الله أكبر، هذا كما قال لأخي موسى قومه اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، والذى نفسى بيده لتركبن سَنن من قبلكم، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة إن كان فيهم من أتى أمه يكن فيكم، أفلا أدرى أتعبدون العجل أم لا. واختار بعض أن الخطاب لليهود، لأن الكلام فيهم من قوله يا بنى إسرائيل، اذكروا.