الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً }

{ تكادُ السَّماوات يتفطَّرْن منهُ } نعت ثان لشىء، أو نعت لأداً، أو مستأنف ويتفطرن يتشققن مطلقاً، وقيل التفطر الانشقاق طولا، والصحيح الأول والتفطر على ظاهره، وكذا الانشقاق، والخر بأن يخلق الله لهن التمييز فيكرهن الكفر وهو قول ابن عباس، قال: وكذا كل شىء غير الثقلين، وقيل ذلك استعظام للكلمة، وتهويل لأمرها، وقيل: المعنى كدت أفطر السماوات وأشق الأرض، وأخر الجبال لتلك الكلمة، ويختص التفطر بالجسم الصلب، فلا يقال ثوب مفطر، بل مشقوق، والأرض دون السماء فى الصلابة فعبر لذلك به فى السماء وبالانشقاق فى الأرض.

وقال: { وتنْشَق الأرض } وعبر فى السَّماء بالتفعل، وفى الأرض بالانفعال، لأنه أبلغ من الانفعال، ودال على الكثرة، والسماوات كثيرة لأنهن سبع، وهذه الأرض واحدة، أو كثر الشق أيضا فى كل سماء بمزيد طوله، أو كثرة مواضعه منهن، وأيضا لم تألف السماء المعصية، فيتأثر فيها أثراً عظيماً ما وقع من المعصية، ولو قليلا أكثر مما يؤثر ما كثر منها فى الأرض، لأنها اعتادتها من الإنس والجن.

{ وتخرُّ الجبالُ هداً } مفعول مطلق، أى خراً وهو من الهد اللازم، أو مفعول من أجله على أنه من المتعدى كقوله:
لقد هد قدما عرش بلقيس هدهد   
على قول من لم يشترط فيه اتحاد افاعل، وقد يتحدد على اللزوم، أى تخر لقبولها الانهدام، وزعم بعض أن الهد المتعدى ولو لم يكن من فعل الجبال لكن إذا هدها أحد يحصل لها الهد، فصح أن يكون مفعولا له متحدد الفاعل وهو ضعيف، لأن حصول الهد لها ليس فعلا لها، نعم مطاوعتها وانفعالها كفعل، ومنى تكاد تقرب تحقيقاً بأن خلق فيهن تمييزاً، وكان أمسكهن عن التفطر والانشقاق، كما روى أنهن يستأذن الله فى إهلاك العاصى، ومثل ما روى عن ابن عباس أنهن يكدن يزلن تعظيماً لله، وما روى عن ابن مسعود: من أن الجبل ينادى الجبل بأسمه يا فلان هل مر بك اليوم من ذكر الله، فإن قال نعم استبشر، أو ذلك كناية عن غضب الله عن القائل لذلك.