الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً }

{ كلاَّ } نهى لهم عن الطمع فى العز بعبادة غير الله عز وجل، وذلك من نهى الغائب { سيكْفُرون بعبادتِهِم } تقول الملائكة لم نأمركم بعبادتنا، أو لم نعلم بها، وكذا ينكر من لم يعلم منهم، ويكذب من أمرهم بها، فيقول: لم نعلم بها، ولم نأمركم، وينطق الله الجماد فتقول لا علم لنا بها كما قال الله عز وجل:فألقو إليهم القول إنكم لكاذبون } [النحل: 86] والواو للآلهة المعبودين بتغليب العقلاء، وعلى أنها الجماعة فلتنزيلها منزلة العقلاء على زعمهم، ويجوز أن تكون للكفرة العابدين كقوله تعالى:والله ربنا ما كنا مشركين } [الأنعام: 23].

{ ويكونُون عليْهِم ضِداً } إذا فسرنا سيكفرون بعبادتهم بكفر المعبودين بعبادة العابدين لهم، يكون المعنى أن العابدين يكونون ضدا للمعبودين أعداء للمعبودين بعد أن أحبوا المعبودين، حتى عبدوهم، وإذا فسرناه بكفر العابدين يكون المعنى: إن الآلهة تكون ضداً للعز الذى يرجى منها، وهو أن تكون هوناً كما روى عن ابن عباس، فهى تلعن العابدين. وهى سبب للعنهم، وآلة لعذابهم، لأنهم وقود النار، وحطب جهنم، لكن هذا فى الأصنام خاصة.

والمعنى يظهر كونهم ضداً، ولا مانع من كون المعنى واحداً على التفسرين بمعنى نفس التنافر ينفر المعبودون من العابدين، والعابدون من المعبودين، وعليهم خبر، وضداً خبر ثان أو حال من المستتر فى عليهم مؤكدة، يقال: الناس عليكم، وفى الحديث: " اللهم كن لنا ولا تكن علينا " ومعناه العداوة والقصد بالسوء، أو الخبر ضداً وعليهم حال منه، وإفراد ضداً مع أن المراد أضداد لوحدة المعنى الذى يدور عليه، كما جاء فى حديث النسائى أى عنه صلى الله عليه وسلم: " إن المسلمين يد على من سواهم " وتفسير الضحاك ضداً بأعداء لا يوجب أن يكون جمعاً، لأنه نقول إنه تفسير بالمعنى، كما فسرنا يداً فى الحديث بمعنى الجمع، مع أنه مفرد واختير لفظ الإفراد للفاصلة، وليوافق مقابله وهو عزاً إذا كان العز ضد الذل المراد بالضد.

وعن الأخفش: الضد للواحد، والجمع كالعدو، فيحمل فى الآية على الجمع، وقد قيل إنه مصدر فى الأصل، يحمل على الواحد وغيره.