الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً }

كثيراً إلا أن الولد يطلق على ما فوق الواحد، كما يطلق عليه، قال خباب بن الأرت: كنت قيناً أى حداداً، وكان لى على العاصى بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا والله لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموت، ثم تبعت، قال: فأنى إذا مت ثم بعثت جئتنى ولى ثم مال وولد، فأعطيك، فأنزل الله تعالى قوله: " أفرأيت الذى " الخ، وفى رواية: لا والله لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حياً ولا ميتاً ولا إذا بعثت، فقال له العاصى: فاذا بعثت جئتنى الخ، وفى رواية: أن رجالا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أتوا العاصى بن وائل يتقاضونه ديناً لهم عليه، فقال ألستم تزعمون أن فى الجنة ذهباً وفضة وحريراً، ومن كل الثمرات؟ قالوا: بلى قال: موعدكم الآخرة، والله لأوتين مالا وولدا، ولأوتين مثل كتابكم الذى جئتم به، فنزلت.

وقيل نزلت فى الوليد بن المغيرة، وقد كانت له أقوال تشبه ذلك، قلت: نزلت فيهم وفى أمثالهم، إلا أن الأول أولى لوروده فى البخارى ومسلم، والترمذى والطبرانى وابن حبان، والعطف على محذوف، أى أنظرت فرأيت، والهمزة تعجيب من كفرهم بالآيات الواضحة التى من حقها أن يؤمن بها كل من بلغته، ومن جملتها البعث، والمراد: لأوتين فى الآخرة كما صرحت به الأحاديث المذكورة إلا الحديث المذكور الذى فيه: " ولأوتين مثل كتابكم " ففى الدنيا ففسر به بعضهم الآية.

وقد يجمع بأن المراد لأوتين إيتاء مستمراً الى الآخرة، والمعنى انظر إليه بعينيك وتعجب من قبح اعتقاده، وقوله: أو الرؤية مجاز عن الأخبار، من إطلاق السبب على المسبب، أو الملزوم على اللازم لزوماً بيانياً، والاستفهام فى الأوجه كلها مجاز عن الأمر بذلك، لأن قولك ما فعلت بمعنى أخبرنى، فهو استفهام تجوز به عن الأمر، فذلك إنشاء عن إنشاء، ولا نسلم ما قيل: من أن أخبرنى المعبر عنه مجاز فى الاستفهام لا أمر، والآية متعلقة بقوله تعالى:أى الفريقين } [مريم: 73] أو قوله:أَإذا ما مت } [مريم: 66].