الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً }

{ قُل } يا محمد للكفرة { من كان } بماله ودنياه { فى الضلالة } منكم، أو من غيركم ممن يبتهج بالمال { فليَمْدد له الرَّحْمن مداً } فى ماله وعمره، مع تمكنه فى الضلال، أو لتمكنه فيه إخبار بصورة الأمر إشارة الى أن المد حكمة لقطع العذر كقوله تعالى:أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } [فاطر: 37] فيكون أبعد فى العذر، كما أنه أطال له المدة أو حكمة للاستدراج كقوله تعالى:إنما نملى لهم ليزدادوا إثماً } [آل عمران: 178] أى من عادته أن يمد له استدراجاً، أو ذلك على طريق الدعاء لعدم بقاء عذر لهم مع البيان الكامل على طريقة ليضلوا عن سبيلك إذا حمل على الدعاء.

{ حتَّى إِذا رأوا ما يُوعَدُون } من أوعد بالهمزة المتعدية الى مفعول آخر محذوف رابط، أى ما يوعدونه، والواو أول ناب عن الفاعل، ولا تجعل ما مصدرية، لأن هذا المصدر يحتاج الى عنى ما الاسمية، فيحمل الكلام عليه من أول والواو، لمعنى من كما أن ضمير كان والهاء للفظها { إِمَّا العذابُ وإِمَّا السَّاعة } بدل من ما أو من الرابط، أو من المقدر بواسطة العاطف فى الثانى، وهو الواو وذلك لمنع الخلو، لأن العذاب عذاب الدنيا باستيلاء المؤمنين بالقتل ونحوه، أو غير ذلك كأنه قيل: إما عذاب الدنيا وإما عذاب الساعة، فحذف المضاف لا لمنع الجمع، لجواز أن يعذبوا دنيا وأخرى، والساعة يَوم القيامة، ولم يذكر عذاب القبر إيذاناً بأنه بالنسبة الى عذاب يوم القيامة، كلا عذاب، أو لأن الساعة بمعنى ذهابهم الى الآخرة، فذلك من حين الموت الى مالا نهاية له إلا البرزخ، أو لاعتبار القبر من الدنيا، لأنه فى الدنيا، وقيل قيام الساعة، وليست حتى للغاية، بل للتفريع، وإن جعلت للغاية جارة كما قال ابن مالك، أو نزل التفريع منزلة الغاية كان من تصل الغاية بالمغيا لوجود الفصل، إلا أن الدنيا لسرعة انقضائها كلا فاصل، فذلك كأحد أوجه فى قوله تعالى: " أغرقوا فأدخلوا نارا ".

{ فسيعلمون } جواب إذا، وعلى قول ابن مالك لا جواب لها، لأنها خارجة عنده عن الشرط والظرفية، فالجملة تفريغ على مدخولها { مَنْ } مفعول يعلمون بمعنى يعرفون وهو موصول أو استفهامية مبتدأ لما بعده، أو خبر له، علقت يعلم عن مفعول بمعنى يعرف أو عن مفعوليه إن بقى على ظاهره { هُو } { مِن الفريقين شرٌّ مكاناً } عبر هنا بالمكان لا بالمقام مبالغة فى اظهار حالهم { وأضعف جُنْداً } أنصاراً يتبين لهم عكس ما يزعمون أنهم شر مكاناً، وأضعف جنداً، والمؤمنين خير مكاناً وأقوى جنداً، والاسمان خارجان عن التفضيل، لأنه لا شر للمؤمنين ولا ضعف البتة ولا جند البتة للكفرة يوم القيامة، قال الله عز وجل:

السابقالتالي
2