الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً }

{ وإذا تُتْلى عليهم آياتنا بينات } ظاهرات المعانى والإعجاز، وما تشابه بينته الآية الأخرى، أو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما بقى على إبهامه كأوائل السور على وجه ابقائه لم يضر السامع، ولم يوقعه فى لبس.

{ قال الذِين كفَرُوا } الآية مستأنفة فلا حاجة الى أنها فيمن قبلها حتى يقال وضع الظاهر موضع المضمر، لينعى عليهم بذكر الكفر المتقدم منهم، وأنه الموجب لكفرهم، وهذا نقوله مع الاستئناف كما شهر أنها نزلت فى النضر بن الحارث وأتباعه الفجرة { للَّذين آمنُوا } اللام للتبليغ أى خاطبُو المؤمنين بما قال الله عز وجل عنهم: { أى الفريقيْن } المؤمن والكافر { خيرٌ مقاماً وأحْسن ندياً } كقوله تعالى قالت أولادهم لأخراهم، فما كان لكم علينا من فضل، أو بمعنى فى على معنى أنهم قالوا فى شأن الذين آمنوا بلا خطاب لهم، أو بخطاب ولم يذكر الله الخطاب، كما قال الله عز وجل:قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا } [الأعراف: 38] بلا خطاب، ويصح التعليل، ولا يمنعه كما زعم بعض أن المقول ليس فى حق المؤمنين خاصة. والمعنى قالوا لأجل المؤمنين معهم، إذ لولا المؤمنون لم يكن فريقان، والمقام فى الأصل موضع القيام أو زمانه أو نفسه، والأنسب هنا الأول لكن قصد به المكان بمعنى الشرف.

والندى موضع الاجتماع، أو مخصوص بموضع يجتمع فيه لحادث أو مشورة، أو بموضع يجتمع فيه أهل الندى، أى الكرم، ويروى أنهم كانوا يدهنون شعورهم، ويرجلونها، ويتطيبون ويلبسون اللباس الفاخر، ويقولون لفقراء الذين آمنوا لو كنا أعداء الله وكنتم أولياء الله، لما فعل الله هذا بنا، وأفقركم، والحكيم لا يهين أولياء، فكذلك إن كان البعث نكون خيراً منكم حالا، وهو قياس عقيم من قلب سقيم، فإنهم رووا كثيراً من المؤمنين أغنياء، وكثيراً من الكفار فقراء، ورد الله عليهم بقوله عز وجل:

{ وكَمْ } مفعول به لقوله { أهْلكنا قبلهُم مِنْ قَرنْ هُم أحْسَن أثاثاً ورِئياً } كم للتكثير كما هو الظاهر، ويجوز أن تكون للاستفهام التعجيبى، أو التقريرى إضراباً عن ذكر الكثرة لشهرتها، والإذعان إليها الى حملهم على التعجب أو الإقرار، وفى الآية على كل حال الرد عليهم، والتهديد بالإهلاك، كما أهلك من قبلهم ممن هو أكثر مالا، وأحسن مالا وزينة، وأحسنية الأثاث تدل على كثرة المال على الغالب، وفى الجملة، ومن قرن نعت لكم لا كما قيل إنها لا تنعت وينبغى أن يكون الخلاف فى نعتها بغير من ومجرورها اللَّذين لبيانها، مثل قوله: { هم أحسن } فهذه الجملة نعت لقرن، كما هو واضح لا لكم، وضمير الجمع لاشتمال القرن على أفراد، والقرن مائة عام، وقيل غير ذلك، والأثاث المتاع جداً وبلى والخرثى ما بلى منه، والرأى المنظر نضارة اللوز وحسنه من الرؤية البصرية، وهو بشد الياء قلبت الهمزة ياء، وأدغمت أو من الرى ضد العطش مراد به النضارة، والحسن أو هو رئيا بهمزة فياء، وكلتا هما عن نافع.