الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }

ويبعد ما قيل إنه خطاب منهم فى الجنة لبعض منهم فيها، وكذاوما كان ربك نسياً } [مريم: 64] خطابهم لواحد، وذلك لا يوافق سبب النزول فيرتكبون أنها لم تنزل جواباً وهو خلاف المشهور.

{ ربُّ السَّماوات والأرْض وما بينهما } هو رب السماوات، أو بدل من رب والسماوات، هن السبع والأرض الأرضون السبع، وما بينهما ما بين الفريقين تفصيلا ما بين كل سماء وسماء، وما كل أرض وأرض، وما بين السماء والأرض، بمعنى ما بين أبعاض الفريقين، والبينة شاملة لمن سكن فيهن، وما فى الهواء، كما قيل: إن فى الهواء طيراً وبحراً من ماء، وحوتاً وذلك بعض ملكه، ولا ينتهى ملكه لدوامه، كيف يليق بجلاله أن يغفل أو ينسى أو يلغى من أطاعه واصطفاه للنبوة.

{ فاعْبُده واصْطَبر لعبَادَته } إذا كان الأمر ما ذكر من أنه رب السماوات الخ، أو ما كان نسياً أو ذلك كله فاعبده، لأنه المثيب على الأعمال، ولا تحزن على إبطاء الوحى، ولا لقولهم تركه ربه أو نسيه، أو غفل عنه، أو عطف إنشاء على خبر هو قوله:رب السماوات } [الكهف: 14] أو على قوله:وما كان } [البقرة: 143] إلخ أى اعبده لسبب كونه لا ينسى، أو لكونه رب الخ، واصطبر على عبادته لسبب ذلك، واللام بمعنى على كقوله تعالى:واصطبر عليها } [طه: 132] أو اللام لتضمن اصطبر معنى اثبت.

وأجيز أن يكون رب مبتدأ خبره اعبده، وهو ضعيف لاحتياجه الى كون الفاء زائدة، وللإخبار بالأمر، وأجيز أن يكون وما كان ربك الخ من كلام المتقين على أن رب السموات خبر لمحذوف، أى هو رب السماواتواصطبر عليها } [طه: 132] أو اللام لتضمن اصطبر معنى اثبت.

{ هَلْ تعلمُ له سمياً } مماثلا له فى اسم، مشارك له فى المعنى، مثل خالق وقادر ورازق وعالم، بمعنى أنه يخلق كما يخلق كما يخلق الله، ويرزق كما يرزق الله، ويقدر على كل شىء بلا علاج، كما قدر الله ويعلم كل شىء بلا تعلم وبلا بدء ولا انتهاء ولا مع عدم نسيان، ومثل الرحمن والرحيم، على معنى أنه يرحم فى الدنيا والآخرة، وتعم رحمته، كما أن الله يرحم، ومثل إله والله على أنه يعبد بحق، والم يجترىء المشركون مع عتوهم أن يسمعوا أحداً الله، ومثل أن يسمى أحد رب السماوات والأرض، وذلك كله منفى بأبلغ وجه، حيث نفى المعلوم بالاستفهام الإنكارى فى عبارة نفى العلم.

إذ الحاصل أنه لو كان لعلمته فإذا لم يكن له سمى تعين أن لا يعبد إلا هو، وكان صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: { هل تعلم له سمياً } قال: لا، وروى أبو داود، عن أبى هريرة،

السابقالتالي
2 3