الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } * { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً }

{ تلك الجنَّة } مبتدأ وخبر وإشارة البعد للتعظيم { التى } نعت الجنة { نُورثُ } نورثها، هذه الهاء مفعول ثان { مِنْ عبادنا } حال من الموصول فى قوله عز وجل: { مَنْ كَان تَقياً } وهو مفعول أول أى نصير من كان تقياً من عبادنا، وارثاً تلك الجنة تعدى وماضيه لاثنين بالهمزة، وقرأ محبوب أبو محمد بن محبوب عن أبى عمرو بن العلاء، وكان يدخل البصرة، نورث بفتح الواو وشد الراء كسورة، والتعدية لهما بالشد أو الهاء أول أى نجعلها باقية تنال التقى والإيراث أو التوريث مستعار لتملى لا يقبل الفسخ والاسترجاع بخلاف التمليك بالبيع أو الهبة.

وحيث ذكرت بالشراء فالمراد الشراء الذى كالميراث فى ذلك والآية نصت على أن الجنة كلها موروثة، ولا يصح تفسيرها بإيراث الله المسلمين أزواج الكفرة وولدانهم ومنازلهم وأعلامهم التى لهم فى الجنة لو كانوا سعداء كما جاء الأثر بذلك، فإن هذا بعض فإن صح الأثر قيل به، لكن لا تفسر الآية والأولياء، وتكذيبهم، والإجابة عنهم، وذكر الأخلاف عقب ذلك بالتلويح الى به، ويحتمل أن الآية تمثيل لما ذكر الله عز وجل إساءة الكفرة بالأنبياء إساءتهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجوابه عنه إذ سألوه عن أصحاب الكهف وذى القرنين والروح، وقال أخبركم غداً ولم يقل إن شاء الله، فطال عنه الوحى حتى قالوا ودعه ربه، واشتد حزنه، واشتاق الى الوحى، فنزل جبريل فقال له: احتبست عنى حتى ساء ظنى، فأجابه بقوله:

{ وما نتنزَّل إلا بأمر ربِّك } وروى أنه قال صلى الله عليه وسلم: " ما منعك أن تزورنا، أكثر مما تزورنا " فقال ما نتنزل إلا بأمر ربك الخ، والتنزل النزول على مهل، وضمير نتنزل لجبريل المعروف من المقام مع الملائكة { له } لا لنا { ما بَيْن أيْدينا } ما قدامنا من الزمان { وما خلفنا } من الزمان.

{ وما بَيْن ذلك } المذكور من الزمان، فلا ننزل إلا فى زمان أراده للنزول، وإنما فسرت ما بالزمان، لأنه صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: " لِمَ لَمْ تنزل الى هذا الوقت، ولم لا تنزل زماناً كثيراً، " وإنما ذكر ما بين ذلك مع أنه حين بدا ذكره مستقبل، وكل جزء من أجزاء الذكر ماض بعد تمامه، كما تقول: الحال أجزاء من أواخر الماضى، ومن أوائل المستقبل، لأنه يتشخص بذلك، أو ما بين أيدينا قبل وجودنا، وما خلفنا بعد فنائنا، وما بين ذلك مدة الحياة، أو ما بين أيدينا زمان الدنيا، وما خلفنا زمان البعث بلا تناه، وما بين ذلك ما بين ما بين نفخة الموت ونفخة البعث أربعون سنة، وقيل أربعون يوماً بين النفختين، أو ما بين الأيدى الآخرة لأنها مستقبلة، وما خلفنا الدنيا، لأنها تمضى عنا وتخلفها شيئا فشيئا، وما بين ذلك ما بين النفختين، وإنما يذكر الدنيا لأن حين الخطاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السابقالتالي
2