الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً }

{ إِلاَّ مَن تابَ وآمن وعَمل صالحاً } الاستثناء متصل، فإن المعنى إلا من تاب من الإشراك وآمن الخ فإن الإيمان ظاهر فى أن ما قبل ذلك فى الإشراك بالآية كالمصر فى أن الخلف المضيعين للصلاة، المتبعين للشهوات، مشركون، إذ لا يقال فى الفاسق الموحد له الجنة إن آمن، بل يقال إن تاب وعمل صالحاً، إلا أن يقال: المراد من جمع بين التوبة والإيمان والعمل الصالح، أو يقال: المراد الإيمان الكامل، إلا أنهما خلاف الظاهر، وأنه يعنى عنه ذكر التوبة والعمل الصالح، وإن جعلنا ما قبل هذا فى الفساد الموحدين، كان الاستثناء منقطعاً، لأن قوله: { وآمن } يدل على تقدم الإشراك، وإن جعلناه فيهم وفى المشركين، كان الاستثناء متصلا باعتبار حصة المشركين، وقد يقال آمن بمعنى صلى فى مقابلة الصلاة كقوله تعالى:وما كان الله ليضيع إيمانكم } [البقرة: 143] أى صلاتكم، وعمل صالحا فى مقابلة اتبعوا الشهوات، فيكون الاستثناء متصلا إن كان ما قبل فى الموحدين الفاسقين، ومنقطعا إن كان فى المشركين، وهذا فى الموحدين.

{ فأولئك } الذين تابوا وآمنوا وعملوا صالحاً، { يدْخُلون الجنَّة } لم يقل سوف يدخلون الجنة لطفاً بهم { ولا يظْلَمون شَيئاً } لا يظلمون بنقص ثوابهم ظلماً أو لا ينقصون ثواب أعمالكم نقصاً ما، أو لا ينقص أعراضهم نقصاً ما، بل يعظمون، أو لا ينقصون شيئا من ثواب أعمالهم، والآية وأمثالها من القرآن، والأحاديث شرطت فى دخول الجنة العمل الصالح لم أمكنه، والتقوى، ومن آمن فمات أو جن قبل أن يكلف يفرض فله الجنة، وضل من تكلف وقال شرط العمل الصالح لدخولها بلا تسويف، أو لكون جنته طنة عدن، أو لعدم نقص شىء من ثوابه، وينقص لغيره، ويرده ما ورد فى القرآن وغيره من أنه من فعل كبيرة كترك فرض، فهو فى النار، إلا إن تاب، وكذا إن فعل كبيرة غير ترك إلا إن تاب، كمن زنى أو اغتاب، ومن تاب لم ينقص من ثوابه، بل تثبيت له أعماله الصالحة، وتبدل سيئاته حسنات، وكل جنة هى جنة إقامة لا يرحل عنها.