الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً }

{ ونَاديناه من جانب الطُّورِ الأَيْمَنِ } نعت لجانب بدليل أنه لما نصب جانب فى الآية الأخرى نصب، وذلك هو الناحية التى تلى يمين موسى، لأن الطور وهو الجبل المعروف بين مصر ومدين، لا يمين له ولا يسار، ويجوز أن يكون اليمين من اليمن، وهو البركة، وهو نعت لجانب لا للطور، ولا دليل على أنه نعت له، وأن النصب فى الآية الأخرى على القطع، والنداء ظاهر فى اللفظى، فموسى عليه السلام سمع الصوت المخلوق فى الهواء أو الشجرة أو الجبل فى ذلك الموضع، وقد قيل جاءه الصوت من تلك الجهة، فسمعه من جميع جسده، لا من يسمعه فقط، وقيل نداء بلا صوت، سمعه بجسده كله، وكذلك يسمعه بجسده كله، ولو وضع له فى الشجرة أو الجبل أو الهواء أو الأرض أو الملك، وبذلك يزداد يقيناً أنه من الله.

{ وقربناه نجياً } تقريب تشريف كما يقرب السلطان رجلا يختصر به للمناجاة، وهى المسارة والإخفاء عن الغير، ونجينا فعيل بمعنى مفاعل بضم الميم كجليس بمعنى مجالس. ونديم بمعنى منادم، وهو حال من هاء قربناه، أو هاء ناديناه، ووجه الأول أنه متصل بقربناه، ووجه الثانى أن يعتبر أن العمدة النداء، وذر التقريب تبع له، والأول أولى وقيل: نجياً مرتفعاً من النجوة، روى سعيد ابن منصور، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، عن سعيد بن جبير والحاكم، وصححه وغيره عن ابن عباس: " أن جبريل عليه السلام أردف موسى حتى سمع صرير القلم والتوراة تكتب له " أى كتابة ثانية، لأن فى الحديث الصحيح الوارد فى فى شأن محاجة آدم موسى عليهما السلام: " أن التوراة كتبت قبل آدم بأربعين عاماً " فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خص بالمعراج الأكمل لا بالمعراج مطلقاً، وقيل نجياً بمعنى ناجياً عن المهالك بصدقه، روى عن قتادة وهو بعيد.