الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّآءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً }

{ قَالَ هذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّى } شكر الله فى قلبه على هذه النعمة، أو خاطب به الحاضرين ممن كان يأجوج ومأجوج يضرونهم، ومن غيرهم، وهذا أولى لأن فيه الدعاء إلى الله، ولأن فيه تحبيب الله إلى خلقه، والإشارة إنما هى إِلى السد لحضوره، ولقوله: { جعله دكاء } فإن هاءه للسد، فهو أولى من كونها للتمكين من بنائه، ومن تقدير مضاف أى بناء هذا، ومن كون الإشارة إِلى السد بمعناه المصدرى، ومعنى كون ذلك رحمة أنه أثر رحمة، وبالغ بجعله نفس الرحمة، وإذا جعلت الإشارة للتمكن فكون التمكن رحمة باعتبار أنه سبب، وفى الإخبار بأَنه رحمة من ربى تلويح بأنه إِحسان إلهى، لا طاقة للبشر عليه عادة، وفى ذكر الرب تربية معنى الرحمة.

{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّى } أى وقت وعده، وإسناد المجئ إِلى الوعد مجاز من إِسناده إلى وقته حقيقة، أو الوعد بمعنى الموعود، وهو وقته، أو وقوعه فلا حذف مضاف، ولا مجاز فى الإسناد، والمراد بوقت ذلك يوم القيامة، وقيل: وقت خروج يأجوج ومأجوج علمه من نبى أو غيره أو إلهام، ولا يساعده كلام الله، والمراد مجيئه مع ما معه من خروج يأجوج ومأجوج، والدجال ونزول عيسى عليه السلام، وطلوع الشمس من مغربها لا وقوعه فقط.

{ جَعَلَهُ } ربى { دَكَّاءَ } صيَّره دكًّا أى مدكوكًا مسوى بالأرض، ونفس الدك مبالغة، وعلم ذى القرنين بهذا الجعل من تمام علمه بمجئ الساعة بإخبار نبى أو غيره أو إلهام، أو من كتاب حزقيال إذ من مبادئها دك الجبال الشامخة، أو دكا كالشئ المدقوق كالمطحون، وفى الكلام حذف أى يستمر إلى آخر الزمان، فإذا جاء وعد ربى جعله دكا.

{ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّى حَقًّا } ثابتًا لا محالة أى وعده المعهود، أو كل ما وعد، فيدخل ذلك المعهود أولا، وهذا آخر كلام ذى القرنين قيل به قوله: { فإذا جاء وعد ربى } مؤكد له.